تقود حملة سياسية وإعلامية قذرة ومغرضة ضد الجزائر
تشن شخصيات ووسائل إعلام محسوبة على اليمين الفرنسي، منذ مدة، حملة سياسية وإعلامية قذرة ومغرضة ضد الجزائر، على خلفية أزمة سياسية متصاعدة بين البلدين، منذ قرار الجزائر سحب سفيرها وخفض تمثيلها الدبلوماسي لدى باريس، نهاية شهر جويلية الماضي، بسبب تغيّر الموقف الفرنسي من قضية الصحراء الغربية. تبعها قرار تجميد الإستيراد من فرنسا، وتفاقمت الأزمة منذ أسبوعين، بعد الكشف عن توقيف السلطات الجزائرية الكاتب بوعلام صنصال (75 سنة) لدى عودته من باريس،في 16 نوفمبر المنقضي، على خلفية تصريحات مثيرة للجدل، كان أدلى بها لموقع “فرونتيير ميديا” الفرنسي.
وقال صنصال خلال التصريحات إن أجزاء من الجزائر كانت تتبع المغرب، وأن الجزائر لم يكن لها أي كيان قبل الاستعمار الفرنسي (في اجترار لما سبق وأن قاله الرئيس ماكرون منذ سنوات).
وتنظر الغالبية الساحقة من الجزائريين بعين الإدانة والسخط، لتصريحات بوعلام صنصال التي أدلى بها لقناة إلكترونية محسوبة على اليمين المتطرف في فرنسا والتي زعم فيها أن كل الغرب الجزائري يعود تاريخيًا للمغرب، وهو ما اعتبر جهلًا فادحًا وفاضحًا بالتاريخ الجزائري الذي كانت فيه هذه المنطقة (الغرب) في بداية الغزو الفرنسي في طليعة المقاومة، سواء من خلال الأمير عبد القادر الجزائري (معسكر)، المعروف بأنه مؤسس الدولة الجزائرية في شكلها الحديث،أو الزعيم مصالي الحاج (تلمسان) باعتباره أبو الحركة الوطنية في الجزائر وأول من دعا إلى الاستقلال.
وقررت السلطات الجزائرية على ضوء ذلك إيداعه الحبس المؤقت منذ الأربعاء قبل الماضي إلى حين محاكمته، بعد أسبوع من اعتقاله في مطار الجزائر الدولي، حيث وجهت له تهم بناء على المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، تشمل التضليل والمساس بالوحدة الوطنية، والإدلاء بتصريحات من شأنها المساس بوحدة البلاد، يتم تكييفها على أساس أنها عمل إرهابي أو تخريبي.
وخلَّف سجن صنصال موجة سخط كبيرة في فرنسا، التي منحته جنسيتها في جوان الماضي، بقرار من الرئيس إيمانويل ماكرون. وطرح مسؤولون فرنسيون احتمال توظيف “الحماية القنصلية”، لترحيله إلى فرنسا، وهذه المسألة تحديدًا تثير حساسية بالغة لدى الجزائر، إذ تعدها “تجاوزًا بحق سيادة بلد طرد الاستعمار الفرنسي منذ أكثر من 62 سنة”.
وتفاعل البرلمان الفرنسي منذ الأسبوع قبل الماضي مع القضية، باستجواب الوزيرة المكلفة بشؤون الفرنسيين في الخارج صوفي بريما، حول الطريقة المثلى لحل “مشكلة صنصال”، فقالت: “مصالح الدولة في حالة تعبئة كاملة لمتابعة قضية مواطننا، وتمكينه من الاستفادة من الحماية القنصلية التي ينص عليها القانون”.
وأعلن وزير الداخلية الفرنسي برونو روتايو الثلاثاء الماضي أن الرئيس إيمانويل ماكرون مهتم بقضية الكاتب، وأنه منحه الجنسية الفرنسية، “ومن واجب فرنسا حمايته بالطبع، وأنا أثق برئيس الجمهورية في بذل كل الجهود الممكنة من أجل إطلاق سراحه”. فيما قال وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، في تصريح صحافي، إن “اعتقال بوعلام صنصال غير مبرر، وغير مقبول”، وأن لا شيء في أنشطة صنصال يعطي صدقية للاتهامات التي أدت إلى سجنه في الجزائر”.
وأشار إلى أن “مصالح الدولة الفرنسية في الجزائر العاصمة وفي باريس بحالة استنفار كامل لمراقبة وضع الكاتب الفرنسي، والسماح له بالوصول إلى الحماية القنصلية”. كما هاجم نواب في البرلمان الفرنسي والبرلمان الأوروبي الحكومة الجزائرية لنفس السبب.
والأربعاء قبل الماضي، اعتبر وزير الخارجية الفرنسي، جان نويل بارو، في تصريح صحافي، أن “اعتقال صنصال بشكل غير مبرر” أمر “غير مقبول”، مضيفًا “ألا شيء في أنشطة صنصال يعطي صدقية للاتهامات التي أدت إلى سجنه في الجزائر”. وأوضح أن “مصالح الدولة الفرنسية في الجزائر العاصمة وفي باريس في حالة استنفار كامل لمراقبة وضع الكاتب الفرنسي، والسماح له بالوصول إلى الحماية القنصلية”.
وتفاعلًا مع اعتقاله، طالب فائزون بجائزة نوبل للآداب، وهم آنّي إرنو وجان ماري لو كليزيو وأورهان باموك ووول سوينكا، وكتاب آخرون بينهم سلمان رشدي، الكاتب البريطاني المعروف برواية “آيات شيطانية”، السبت، بالإفراج عن صنصال.
قضية صنصال تنتقل من المنابر الإعلامية إلى البرلمان الأوروبي
وعرفت قضية صنصال تطورات خطيرة في أوروبا خاصة بعد أن انتقلت من المنابر الإعلامية إلى البرلمان الأوروبي، الاربعاء قبل الماضي، حيث طرحت مقترحات من أجل استصدار قرار أو مطلب رسمي للإفراج عن الكاتب، من قبل نواب أوروبيين ينتمون إلى اليمين المتطرف، كسارة خنافو التي أودعت المقترح، وماريون مارشال لوبان التي رافعت من أجل تجسيد هذا المطلب، واستغلت الفرصة لإظهار مرة أخرى حقدها على الجزائر والمهاجرين الجزائريين في فرنسا.
سياسيون فرنسيون لليمين واليمين المتطرف والحزب الاشتراكي يُشددون اللهجة
وشدد سياسيون فرنسيون ينتمون لليمين واليمين المتطرف وحتى الحزب الاشتراكي، اللهجة ضد الجزائر، على خلفية اعتقال الكاتب بوعلام صنصال بتهم تتعلق بتصريحاته المشككة في الحدود الجزائرية. ووصل الحد بحفيدة جون ماري لوبان الشهير بممارسة التعذيب في الثورة الجزائرية، لحد وصف الجزائر بأنها تتصرف “كدولة مارقة”.
وذهبت ماريون ماريشال لوبان من على منبر البرلمان الأوروبي إلى حدّ المطالبة بإجراء تبادل للأسرى، حيث اقترحت ترحيل “3500 مجرم جزائري” محتجزين في السجون الفرنسية مقابل الإفراج عن الكاتب. وزعمت ماريون ماريشان أن صنصال مسجون لأنه “تجرأ على انتقاد النظام الجزائري والإسلاموية في فرنسا وأوروبا”. كما اتهمت النخبة الجزائرية بالنفاق، حيث يرسلون حسبها “أبناءهم للدراسة في فرنسا ويتلقون العلاج في مستشفياتها، بينما يمارسون ضغوطًا دبلوماسية على باريس”.
ولم يختلف كثيرا موقف نواب اليمين الفرنسيين في البرلمان الأوروبي وفي مقدمتهم فرانسوا كزافييه بيلامي، الذي دعا لمراجعة الاتفاقيات المبرمة بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، معتبرًا أن اعتقال صنصال هو “دليل على نفاق النظام الجزائري”. أما النائب الاشتراكي رافائيل غلوكسمان، فقد شبّه النظام الجزائري بالديكتاتوريات التي اضطهدت المثقفين، مشيرًا إلى أن “صنصال هو ضحية نظام قمعي يخشى الكلمة الحرة”.
بدورها، أعربت المفوضة الأوروبية هيلينا دالي عن دعمها لحل دبلوماسي متزن، مؤكدة أن الحوار بين الطرفين قد يكون المفتاح للإفراج عن صنصال. لكن ماريون ماريشال لوبان حذّرت من أن “الصبر الأوروبي لن يدوم طويلًا”، داعية إلى استخدام جميع الوسائل الدبلوماسية والاقتصادية المتاحة للضغط على الجزائر.
وقالت إنها تخشى من أن يصبح “اسم أوروبا مرادفًا للجبن” إذا لم تتخذ خطوات جادة. من جانبها، تبنت النائبة ماتيلد أندرويه، عن حزب التجمع الوطني (الحزب الذي يقوده جوردان بارديلا ومارين لوبان)، موقف مجلة “شارلي إيبدو” اليمينية المتطرفة التي كتبت على غلافها: “أيها الجزائريون خذوا أئمتكم، وأعيدوا إلينا كتّابكم”.
ويتواجد بوعلام صنصال حاليًا محل تحقيق قضائي، على خلفية تصريحات قدرتها السلطات الجزائرية بأنها تخرق القانون وتضعه تحت طائلة قانون العقوبات، كونها “تشكك في استقلال ووحدة وحدود البلد”، بحسب ما ذكرت وكالة الأنباء الجزائرية.
ويُعرف صنصال الذي شغل منصبًا حكوميًا رفيعًا في الجزائر بداية سنوات الألفية الثالثة (بوزارة الصناعة في عهد الوزير الهارب عبد السلام بوشوارب)، بمواقفه الصادمة والتي صنفت لدى البعض ضمن دائرة “الخيانة”، حيث لم يتورع عن وصف الثوار الجزائريين الرموز بالإرهاب، ناهيك عن تبنيه أكثر الأطروحات تطرفًا عن الإسلام تحت غطاء محاربة الإسلاموية. واشتهر هذا الكاتب بدفاعه الشرس عن إسرائيل التي يزورها باستمرار، وهو ما برز بشكل أوضح بعد عملية طوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023 من خلال كتاباته وتصريحاته المتكررة.
وكانت شخصيات رسمية فرنسية قد انضمت وانخرطت في التعليق على قضية بوعلام صنصال، وأبرزهم وزيرا الخارجية والداخلية الفرنسيان، اللذان تحدثا عن “ضرورة الإفراج عنه” وإمكانية توفير له “الحماية القنصلية”، وأن مصالح الدولة “تعمل من أجل الإفراج” عن الكاتب.
وتؤكد قضية بوعلام صنصال مدى التأزم الشديد والحاد جدًا في العلاقات الجزائرية الفرنسية، واتساع الأزمة السياسية بين البلدين، وانهيار عامل الثقة الذي كان يبدو قائمًا بين رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، ونظيره الرئيس الفرنسي قبل بداية أزمة خفض التمثيل الدبلوماسي بين الجزائر وباريس منذ جويلية الماضي، عقب إعلان باريس تغيير موقفها بشأن قضية الصحراء الغربية لصالح الطرح المغربي.
ورجح مراقبون حصول مزيد من التصعيد في قضية الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال المسجون منذ أسبوعين،لا سيما بعد تصريحات رئيس المجلس الشعبي الوطني إبراهيم غالي،التي فُهم منها أن الجزائر “لن ترضخ للضغوط السياسية والإعلامية المتزايدة في فرنسا”، بشأن هذا الملف الذي زاد من حدة تدهور العلاقات بين البلدين.
الجزائر تتهم صنصال بالمسّ بوحدة البلاد
أودعت السلطات الجزائرية الأربعاء 27 نوفمبر الماضي الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال الحبس المؤقت إلى حين محاكمته، بعد اعتقاله منتصف نوفمبر المنصرم في مطار هواري بومدين الدولي، لدى عودته من باريس، على خلفية تصريحات كان أدلى بها لمنصة فرنسية، قال فيها إن أجزاء من الغرب الجزائري كانت تتبع المملكة المغربية، وإن فرنسا احتلت الجزائر لكونها لم تكن أمة ودولة قبل الاستعمار، وهي تصريحات تعتبرها السلطات الجزائرية تحمل مغالطات تاريخية، وتحريفًا ومساسًا بالوحدة الوطنية.
وقالت مصادر حقوقية، إن صنصال أودع سجن القليعة بولاية تيبازة، بعد أن تم توجيه تهم له بناء على المادة 87 مكرر من قانون العقوبات، والتي تشمل التضليل والمساس بالوحدة الوطنية، والإدلاء بتصريحات من شأنها المساس بوحدة البلاد، يتم تكييفها على أساس أنها عمل إرهابي أو تخريبي.
ورفضت السلطات الجزائرية منح المحامي فرانسوا زيمراي، الذي كلفته دار النشر “غاليمار”، والتي تتولى نشر كتب بوعلام صنصال تأشيرة الدخول إلى الجزائر، لتولي الدفاع عنه، في سياق قرار سيادي، ولكونه مواطنًا جزائريًا لا يحتاج إلى محام أجنبي للدفاع عنه.
وكالة الأنباء الجزائرية تُؤكد اعتقال صنصال وتضع النقاط على الحروف
أكد تقرير لوكالة الأنباء الجزائرية، الجمعة 23 نوفمبر الماضي، أن السلطات اعتقلت الكاتب الجزائري الفرنسي بوعلام صنصال في مطار الجزائر قادمًا من باريس، من دون أن تكشف مباشرة عن أسباب اعتقاله والتهم الموجهة إليه، لكنها لمحت إلى احتمال أن تكون ذات صلة بما وصفتها “إنكاره وجود أمة جزائرية”، إثر تصريحات إعلامية كان أدلى بها قبل أيام قليلة لموقع إخباري. ووصفت وكالة الإعلام الجزائرية في تقريرها بوعلام صنصال بـ”المثقف المزعوم المبجل من قبل اليمين المتطرف الفرنسي”.
وهاجمت الوكالة الرسمية بشدة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بعد تعبيره عن “القلق البالغ”، بشأن توقيف صنصال السبت الماضي. وقالت “فرنسا الماكرونية الصهيونية تشجب توقيف صنصال (في مطار الجزائر)، لكنها لم تصرح للعالم عما إذا كانت لديها السيادة اللازمة التي تمكنها من اعتقال بنيامين نتنياهو إذا وطئت قدمه مطار شارل ديغول! وبما أن باريس تتحدث عن القانون وحقوق الإنسان، فإن الامتثال للقانون الدولي في حالة (بنيامين) نتنياهو قد يكون ذلك بداية جيدة”، في إشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها الخميس المحكمة الجنائية الدولية بحق رئيس الوزراء الصهيوني.
وأضافت “فرنسا في عهد ماكرون ليست غريبة عن التناقضات، فهذا الرئيس الذي يتحدث عن (جرائم ضد الإنسانية) في الجزائر بخصوص الاستعمار الفرنسي، ويقر بالاعتراف التاريخي باغتيالات دولة طاولت علي بومنجل وموريس أودان والعربي بن مهيدي (اعترفت باريس باغتيالهم أيام الثورة الجزائرية)، ويقوم بتكليف سفيره بوضع إكليل من الزهور على قبر شهيدنا (بن مهيدي)، هو نفسه الذي يدافع عن منكر يشكك في وجود الجزائر، واستقلالها وتاريخها وسيادتها وحدودها “.
ولمحت الوكالة إلى أن توقيف بوعلام صنصال مرتبط “بمحاولته إنكار وجود الأمة الجزائرية”، في إشارة إلى تصريحات كان أدلى بها لموقع إخباري فرنسي قبل أيام، اتهم فيها الجزائر بالسعي إلى زعزعة استقرار المغرب، وقال إن أجزاء من الغرب الجزائري كانت تتبع المملكة المغربية، وإن فرنسا احتلت الجزائر لكونها لم تكن أمة ودولة قبل الاستعمار، وهي تصريحات تعتبرها السلطات الجزائرية تحمل مغالطات تاريخية، وتحريفًا ومساسًا بالوحدة الوطنية.
وأكدت الوكالة أن توقيف صنصال “أدى إلى إيقاظ محترفي السخط، إذ هبت الأسماء المعادية للجزائر والمؤيدة للصهيونية في باريس هبة رجل واحد: إريك زمور ومحمد سيفاوي ومارين لوبان وخافيير دريانكور وفاليري بيكراس وجاك لانغ ونيكولا ديبون إينيان، وبالطبع الطاهر بن جلون”.
واعتبرت مطالبة هؤلاء بمعرفة مصير صنصال “ضجة كوميدية تثيرها بعض الأوساط السياسية والفكرية الفرنسية حول حالة بوعلام صنصال، تقدم دليلًا إضافيًا على وجود تيار (حاقد) ضد الجزائر. وهو لوبي لا يفوت أي فرصة للتشكيك في السيادة الجزائرية”.
وهاجمت الوكالة بشكل خاص المرشح الرئاسي الفرنسي السابق، إيريك زمور الذي دعا الحكومة الفرنسية إلى المطالبة بالإفراج الفوري عن صنصال، واعتبرت أن اتهام الجزائر بمنع حرية التعبير “في الوقت الذي لا يزال فيه الفرنسيون يحتجزون بافيل دوروف، مؤسس تطبيق (تليغرام)، المنصة العالمية للتعبير، ما هو إلا تأكيد هذه المسرحية الشريرة، التي لا يعد فيها صنصال سوى الدمية المناسبة”.
مصطفى ياحي – الأمين العام للتجمّع الوطني الديمقراطي – :
“الجزائر تواجه حملة إعلامية خبيثة من بعض الساسة والمتطرفين ووسائل الإعلام“
قال الأمين العام للتجمّع الوطني الديمقراطي، مصطفى ياحي، خلال ندوة حول “خلفيات السياسة الفرنسية تجاه الجزائر”، نظمها الحزب السبت الماضي، إن الجزائر “تواجه حملة إعلامية خبيثة من بعض الساسة والمتطرفين ووسائل الإعلام الفرنسية”.
وأضاف ياحي أن هذه الحملة “بحجة الدفاع عن حرية الرأي، ضمن سلسلة من المحاولات اليائسة والفاشلة لبعض اللوبيات اليمينية الصهيونية المتغلغلة في دواليب الحكم الفرنسية، والتي تعتقد بأنها يمكن أن تمارس ضغوطاً على الدولة الجزائرية، لمنعها من الدفاع ضد كل مساس بالوحدة الوطنية والأمن القومي”.
وأكد ياحي أن “الحملة الإعلامية العدائية ضد الجزائر تُغذيها تصريحات بعض رموز اليمين المتطرف، وشخصيات، تنتمي في مجملها إلى لوبيات معروفة بعدائها التاريخي للجزائر، ويتبناها الرئيس الفرنسي ووزير خارجيته، وهو ما يؤكد ضلوع الحكومة الفرنسية الرسمية بهذه الهجمة العدائية”. وتابع بأن “هذه الممارسات التي تقوم بها الحكومة الفرنسية، تعكس درجة الألم الذي تعانيه فرنسا، التي تحنّ إلى الماضي الاستعماري، وعدم قدرتها على تحمل سياسات تقوم على المصالح المشتركة”.
وأشار أمين التجمع الديمقراطي إلى أن هذه الدوائر الفرنسية، “تتصرف وتعتقد أن عهد الوصاية وفرض الضغوط على الجزائر مازال قائماً، بينما ذلك العهد قد ولى إلى غير رجعة”. وقال: “الجزائر دولة مستقلة ومن حقها تطبيق القانون على كاتب يحمل الجنسية الجزائرية الأصلية ومساءلته عن تصريحاته الخطيرة التي أدلى بها لوسائل إعلام فرنسية؛ والتي تمس بالوحدة الترابية للجزائر وأمنها القومي”.
عبد القادر بن قرينة – رئيس حركة البناء الوطني – :
“الحملة الفرنسية ضد الجزائر لها خلفيات سياسية تتجاوز قضية الكاتب صنصال”
أكد رئيس حركة البناء الوطني عبد القادر بن قرينة أن الحملة الفرنسية القائمة ضد الجزائر، “لها خلفيات سياسية ذات صلة بقرارات سيادية اتخذتها الجزائر، وتتجاوز قضية الكاتب بوعلام صنصال”.
وقال بن قرينة خلال حفل تخرج من دورة للمعارف المقدسية، إن “الهجمة الفرنسية الأخيرة على الجزائر تحركت بسبب اتخاذ (الجزائر الجديدة) خطواتٍ متقدمةٍ واستراتيجيةٍ في ميادينِ حماية السيادة، ووضع حد لامتيازات غير مستحقة على حساب مصالحنا الحيوية، لصيانة الأمن القومي بكل أبعاده، والدفاع عن الذاكرة الوطنية، ورفض عودة الاستعمار الجديد إلى ساحتها”.
وانتقد بن قرينة محاولة ما وصفها “بالدوائر واللوبيات الفرنسية الاستعمارية واليمينية المتطرفة التي لم تهضم بعد وبعد سبعين سنة من اندلاع الثورة التحريرية حقيقة الجزائر المستقلة”.
حركة “النهضة” تستنكر “التدخل الأوروبي في الشأن الداخلي“
ذكرت حركة النهضة أن “مجريات الأحداث وتفاعلاتها بخصوص قضية الكاتب الفرانكو -جزائري، بوعلام صنصال، ومحاولات الضغط على الجزائر وإعطاء الحصانة الخاصة للبعض من قبل الجهات السياسية والإعلامية الفرنسية، دفعهم إلى الإعلان عن موقفهم”.
وأشارت حركة النهضة إلى “أنه منذ توقيفه من طرف الجهات المختصة، لم تعبر الحركة عن موقفها من هذه القضية، على أساس احترام الجهات التي تتابع الموضوع”.
وأفادت الحركة في بيان لها، الثلاثاء المنصرم، وقّعه الأمين العام، محمد ذويبي، بأن “من يحمل الجنسية الجزائرية ويقوم بالإساءة للأمة وتاريخها ورموز وحدتها، فإنه يتابع وفق القانون الجزائري ومن السلطات القضائية المختصة”، موضحة أنه لا يوجد “بعد استقلال الجزائر مجال لمواطن من الدرجة الأولى وآخر من الدرجة الثانية.. هذا التصنيف الذي كان إبان مرحلة الاستدمار الفرنسي”.
وفي نفس السياق، أدانت الحركة واستنكرت كل “الممارسات التي يقوم بها اليمين الفرنسي المتطرف تجاه الجزائر، وتعتبر محاولات الضغط التي يمارسها على الصعيدين السياسي والاقتصادي للنيل من سيادتها، أمرا مكشوفا”.
كما استغربت الحركة “انجرار” البرلمان الأوروبي وراء الموقف الفرنسي، واعتبرته “تدخلا سافرا في الشأن الداخلي”، داعية باقي شركاء الجزائر من الفضاء الأوروبي إلى التعامل معها وفق المصالح المشتركة وسيادة الدول، وليس كما “تريده فرنسا الاستعمارية وتسوّق له”، يضيف البيان.
كما ناشدت حركة النهضة في بيانها، القوى الحية في الجزائر ومؤسسات الدولة ورجالها المخلصين لـ”التكاتف والعمل على تطهير مؤسسات الدولة من المندسين في مفاصلها، وذلك حتى لا تتكرر مثل هذه النماذج التي تنكر الجميل وتعمل لصالح الأجندات المعادية للبلاد”.
وطلب الأمين العام من الجهات الأمنية والقضائية “ممارسة صلاحياتها الدستورية والقانونية بكل مهنية واحترافية، بعيدا عن أي استجابة لأي ضغط، حماية لسيادة الجزائر ومصالحها”، معتبرًا أن ما “أقدم عليه المدعو صنصال ليس حرية تعبير، كما تريد أن تسوّق له فرنسا.. وإنما هو مسار طويل من العمل ضد المصالح الجزائرية المعنوية والمادية والضرر بتاريخها المجيد ونضال شعبها المشرف”.
فاروق قسنطيني – محامي جزائري – :
“صنصال أزعج واستفز الجزائر لافتقاد آرائه للمصداقية والبعد الأكاديمي المبني على أسس تاريخية حقيقية“
ويرى المحامي الجزائري، فاروق قسنطيني، أن صنصال “أثار الكثير من النقاش بآرائه الأخيرة التي مست الوحدة الوطنية”، مشيرًا إلى أنه “لم يزعج السلطات وفقط، بل استفزها بتلك التصريحات غير المؤسسة في جانبها التاريخي”.
وأشار قسنطيني إلى أن صنصال “أزعج واستفز الجزائر لافتقاد آرائه للمصداقية والبعد الأكاديمي المبني على أسس تاريخية حقيقية”، معتبرًا أن ذلك “جعله تحت طائلة قانون العقوبات في شقه الخاص بجريمة المس بسلامة التراب الوطني”.
موسى بودهان – محلل سياسي وأستاذ القانون – :
“صنصال يحمل جنسية جزائرية أصلية ما يجعله مطالبًا بالالتزام بدستور الدولة وقوانين الجمهورية”
يقول المحلل السياسي وأستاذ القانون موسى بودهان إن الكاتب صنصال يحمل جنسية جزائرية أصلية بغض النظر عن جنسيته الفرنسية المكتسبة، ما يجعله مطالبًا بالالتزام بدستور الدولة وقوانين الجمهورية سواء في تصريحاته أو كتابته أو جميع أعماله.
وأشار بودهان إلى بعض مواد الدستور الجزائري بدءا من المادة 78 إلى 83 التي تشير كلها إلى أنه يجب “على المواطن أن يحمي ويصون سيادة البلاد وسلامة ترابها ووحدة شعبها، كما تعاقب بصرامة على الخيانة والتجسس والولاء للعدو، وعلى كل الجرائم المرتكبة ضد أمن الدولة”.
وتطرق إلى عقوبة المساس بسلامة “وحدة الوطن” التي تتراوح بين السجن من سنة إلى 10 سنوات مع دفع غرامة مالية وإمكانية حرمان مرتكبها من حقوقه السياسية والمدنية وغيرها المنصوص عليها في المادة 14 من قانون العقوبات. وبرأيه، “لا تدخل كتابات صنصال وتصرفاته ضمن حرية الرأي والتعبير المكفولة دستوريًا وقانونيًا، بل هي خرق صريح للقانون”.
ووصف المحلل بودهان المحاولات الفرنسية بالتدخل في الشؤون السياسية والقضائية للجزائر بالأمر المرفوض الذي لن تقبله الجزائر من أي جهة كانت.
رياض الصيداوي – مدير المركز العربي للدراسات السياسية والإجتماعية في جنيف – :
“مصالح اقتصادية وراء الهجمة الفرنسية على الجزائر“
أكد رياض الصيداوي، مدير المركز العربي للدراسات السياسية والإجتماعية في جنيف، بخصوص أسباب الهجوم الذي تقوده عائلة داسو الفرنسية عبر ذراعها الإعلامي صحيفة “لوفيغارو” على الجزائر، مؤكدًا أن الأمر لا يخرج عن نطاق تحقيق المصالح الاقتصادية والتجارية التي تلهث “الأوليغارشية” الفرنسية في سبيل تحقيقها، بعدما تراجعت مكانتها في السوق الجزائرية لصالح منافسين آخرين. وانطلق الصيداوي، في قراءته لوضعية الحملة المسعورة على الجزائر، من أن عائلة داسو هي العائلة المصنّعة لطائرات “الرافيل” الحربية وأسلحة أخرى، وهي مالكة صحيفة “لوفيغارو” اليمينية التي تعتبر تقريبًا أكبر جريدة يومية فرنسية من حيث السحب، فضلًا عن كونها “أحد أعمدة الأوليغارشية الفرنسية” كما قال، والتي تسعى لحماية مصالح شركاتها واستثماراتها.
وفي منشور له على مواقع التواصل الاجتماعي، أشار المتحدث، في سياق الشرح، إلى أن الجزائر رفضت شراء الأسلحة الفرنسية التي تصنعها عائلة داسو، على الرغم من العديد من المحاولات والإغراءات “لأن الجزائر لا تشتري إلا الأسلحة الروسية والصينية وهي الدول التي ساعدت الثورة التحريرية المباركة”، فضلًا عن محاولات صحيفة لوفيغارو تلطيف الجو عبر إرسال طلب لإجراء حوار مع الرئيس عبد المجيد تبون “إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل”، الأمر الذي دفعها إلى تفعيل منطق الابتزاز من خلال شن هذه الحملة الصحفية.
وعلى هذا الأساس، نشرت هذه الصحيفة اليمينية ملفًا كاملًا حول الجزائر شارك فيه السفير الفرنسي الأسبق في الجزائر غزافيي دريانكور، الذي اعتبره عدوا لدودا للجزائر، على اعتبار أنه خبير في الشؤون الجزائرية، فضلا عن مقال مطول عن بوعلام صنصال في محاول لصناعة أسطورة منه، حيث زعموا أنه راح ضحية تدهور العلاقات الثنائية بين الجزائر وفرنسا، على الرغم من أنه ارتكب أفعالا مجرمة “من حق الجهات القضائية الجزائرية متابعته لأجلها”.
وأوضح المتحدث، في هذا الإطار، أن إبرام الجزائر صفقات مع فرنسا سيغير من موقفها، وبالتالي فالمسألة مرتبطة بمصالح اقتصادية محضة، لاسيما أن مكانة الشركات الفرنسية تراجعت كثيرًا لصالح المنافسين، على رأسها الصين التي تعتبر الشريك الأول للجزائر بنسبة 12 بالمائة، بينما تمثل فرنسا 6 بالمائة فقط وهي مرشحة للتراجع أكثر، مشيرا إلى أن التوجه الحالي للجزائر تنويع الشركاء مع إيطاليا والصين وألمانيا في قطاعات لطالما كانت السيطرة فيها للشركات الفرنسية.
كما أكد أن السبب الآخر لهذه الهجمة تراجع دور فرنسا حتى في استعمال اللغة الفرنسية التي حشدت لها في السابق كل الجهود للدفاع عنها والمواصلة في استعمالها في الجزائر، بعد التوجه نحو استخدام اللغة الإنجليزية إلى جانب العربية، حيث “أضحت تستعمل أكثر في الإدارات والهيئات العمومية”، يقول الصيداوي .
عبد العزيز رحابي – وزير ودبلوماسي أسبق – :
“بوعلام صنصال بكلامه يعيد إحياء السردية الاستعمارية وما تحمله من مغالطات تاريخية“
وفي تعليق له على منصة إكس، قال الدبلوماسي السابق عبد العزيز رحابي إن بوعلام صنصال بكلامه يعيد إحياء السردية الاستعمارية وما تحمله من مغالطات تاريخية، مشيرًا إلى أنه (صنصال) لا يدرك مدى عدم احترامه للمشاعر الوطنية الجزائرية.
وأوضح السفير الجزائري السابق في إسبانيا، في المقابل، أن صنصال يعلم جيدًا أن اعتقاله سيخدمه شخصيًا، في الوقت الذي سيسيء فيه إلى صورة الجزائر على الساحة الدولية.
عبد النور تومي – باحث متخصص في الشؤون المغاربية – :
“ازدواجية المعايير الفرنسية هي من اعتقلت سابقًا مؤسس منصة (تليغرام) بافيل دوروف بواسطة أجهزتها الأمنية في المطار أثناء نزوله من طائرته الخاصة“
بينما أكد الباحث في الشأن المغاربي عبد النور تومي أن الضجة الإعلامية في باريس تقف وراءها أطراف سياسية تابعة “لليمين المتطرف المعادي للجزائر والمهاجرين والمسلمين”.
وأرجع “التدخل الفرنسي في شؤون الجزائر الداخلية إلى غطرسة الشخصيات الفكرية والسياسية الفرنسية صاحبة الفكر الاستعماري”، موضحًا أن “ازدواجية المعايير الفرنسية هي من اعتقلت سابقًا مؤسس منصة تليغرام بافيل دوروف بواسطة أجهزتها الأمنية في المطار أثناء نزوله من طائرته الخاصة”.
وقال تومي إن الضجة الأخيرة التي أحدثتها قضية الكاتبين داود وصنصال تزيد توتر العلاقات بين الجزائر وفرنسا؛ ما قد يُعقد الأمور أكثر ويصل بها إلى احتمال القطيعة، وأكد قدرة الجزائر على قطع علاقاتها مع باريس “فهي بغنى عنها، خاصة في ظل تموقعها الحالي في الساحة الدولية وامتلاكها عديد الأوراق التي قد تستخدمها للضغط على الإليزيه”.
واعتبر أن الجانب الفرنسي يستغل هذه الأقلام لتنفيذ أجندته، مشددًا على أن ما قام به كل من داود وصنصال “لا يمت بصلة للثقافة وتنوير القراء، بل أصبحا وسيلة لضرب وطنهما الأم”.
القسم الوطني