فرنسا استولت على 110 طن من الذهب والفضة وأزيد من 180 مليار دولار
الجز الثاني
حوالي 43 مليون فرنك أدرجت في ميزانية فرنسا
ويؤكد مؤلف كتاب “سطو على مدينة الجزائر” أن تقدير مجمل عمليات النهب أمر صعب، ولكن الأرقام التي قدمها سان جون في برقياته إلى وزارة الخارجية، والتي تتراوح بين 500 و750 مليون، لا تبدو له غير معقولة، فالزيادة اليومية في تقديرات القنصل البريطاني تبررها عمليات النهب التي تمت تواكبا مع توغل الجيش الفرنسي.
وأضاف أنه للتأكد من أن الرقم الذي قدمه سان جون (ما بين 500 و750 مليون) يكفي القيام بتقدير إجمالي لمختلف مكونات كنوز الجزائر، ويجب الإضافة إلى الكنز ألماس وحلي قدرها بيار دوفال القنصل السابق لفرنسا بالجزائر في عام 1828 بقيمة 107 ملايين فرنك.
علاوة على وثائق استفادة من الربع بقيمة تتراوح ما بين 8 و10 ملايين لفائدة انجلترا سلمها الداي حسين باشا إلى الجنرال دوبورمون، الثروات الخاصة لداي الجزائر وبأي قسنطينة التي تعد بالملايين، حجز على 273 بيت بمحتوياتها، عمليات النهب التي تمت في الأيام الثمانية الأولى من دخول الجيش الغازي إلى القصبة والتي يستحيل تقديرها، 1500 مدفع وأطنان من البارود تقدر بقيمة 5 ملايين، المواد الغذائية وغيرها من المنتوجات المختلفة التي تم اكتشافها في مخازن الإيالة والتي تقدر على الأقل بحوالي 20 مليون.
منتوج الذهب والفضة الذي تم العثور عليه في دار السك (70 رطلا من الذهب و10 قناطير من الفضة نهبها الجنود)، أي ما يقارب 200 ألف فرنك، ابتزاز الأتراك إذ يروي سان جون أن الفرنسيين اشترطوا فدية على 500 تركي بمبلغ 10 ملايين.
وتؤكد شهادات كثيرة أن كل الأتراك أغنياء كانوا أو فقراء، تركوا كل ممتلكاتهم مقابل عقود أو أوراق لا قيمة لها، وكانت الممتلكات تقدر بعشرات الملايين بل وحتى تفوق 100 مليون، لا شك أن الحصيلة تتجاوز 500 مليون، فلم يبالغ سان جون إذن في برقياته إذ سرق الفرنسيون في الأسابيع الأولى من الغزو ما يتجاوز 500 مليون فرنك (أي ما يساوي تقريبا 4 مليارات أورو)، قال المحقق الصحفي.
من استفاد من هذه الأموال؟ يقول بيان أن الدولة الفرنسية أخذت جزءًا لا يستهان به من هذه الأموال، وتقول الرواية الرسمية أن ما يقارب 43 مليون فرنك دخلت صناديق الخزينة الملكية وأدرجت في ميزانية فرنسا، كما تم تخصيص ما يقارب 5 ملايين لجيش الغزو لتلبية حاجياته، ووصلت بواخر جزائرية ومدافع وذخيرة إلى أحواض ميناء طولون، ويشير أرشيف وزارة الحرب إلى عملية بيع بالمزاد لمواد غذائية وبضائع سلبت من مخازن الإيالة، ولكنها لم تحتفظ بأثر لوجهة حصيلة البيع.
كان المنتفعون من الجزء الأكبر لكنز الإيالة وعمليات النهب التي تمت في القصبة والمدينة وضواحي الجزائر، أفراد الجيش وموظفو وزارة المالية ومصرفيين وتجار ومغامرون بل وحتى ملك الفرنسيين، كانت دار سيليير وممثلها في الجزائر أدولف شنيدير من بين المستفيدين الكبار من عملية الاستيلاء على كنوز القصبة، ومن المحتمل كذلك أن فرانسوا اليكساندر سيليير وادولف شنيدير ساهما في تبييض هذا المال عبر النظام البنكي الأوروبي، الشيء الذي يكون قد منحهما دور الحكم ما بين السلطة القديمة والجديدة.
وقد خوّلت لهما مكانتهما وعلاقاتهما بشراء البضائع والمواد المختلفة التي تم نهبها من المخازن، وأيضا كسب أملاك الأتراك الذين اضطروا لمغادرة الإيالة وهذا كله بأسعار مناسبة جدا، لقد كان كاف لتزدهر أعمالهما من جديد وليتربعا على عرش صناعة الحديد والصلب في فرنسا.
ويختم المؤلف تحقيقه بأن رئيس لجنة التحقيق دولور راسل وزير الحربية جيرار في 8 أكتوبر 1830 قائلًا :”في كل عمليات السرقات تلك، كان السيد سيرميه المقتصد العسكري المساعد، الشخص الوحيد المعروف لدرجة إثارة الشبهات، وقد رحل قبل أن نتمكن من الاستماع إلى دفاعه، كما أن دو نييه ترك الجيش حاملا معه في أمتعته سهوا، لا شك في ذلك بعض القطع منها ما كانت ثمينة”.
أكثر من 110 طن من الذهب والفضة وأزيد من 180 مليار دولار استولت عليها فرنسا
دعا المشاركون في الندوة التي أقيمت، في 18 فيفري الماضي، في جامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية بقسنطينة، التي نظمت بمناسبة يوم الشهيد، فرنسا إلى ضرورة إعادة كنوز الجزائر التي تفوق 110 طن من الذهب والفضة وأزيد من 180 مليار دولار، مع ضرورة الكشف عن مدافن الشهداء، على غرار الشيخ العربي التبسي وأحمد رضا حوحو وأحمد بوشمال.
وكشف الأستاذ فيصل بن سعيد تليلاني، أستاذ الشريعة بالجامعة الإسلامية، خلال مداخلته ،أن فرنسا اغتصبت ثروات الجزائر وسخرتها لخدمة المعمرين وحرمان الجزائريين أصحاب الأرض من خيراتها، على غرار الخيرات المنهوبة عشية الاحتلال، خاصة الأموال والكنوز المسلوبة من قصر الإمارة ناحية “باب الجديد” .
وأكد المتحدث أن المراجع التاريخية تشير إلى وجود 7 أطنان و312 كيلوغرام من الذهب، 108 طن و704 كيلوغرام من الفضة وسبائك من التبر والذهب الخالص، الأحجار الكريمة والملابس الفاخرة وغيرها من المدخرات الجزائرية والنقود الأجنبية، بما يعادل 80 مليون فرنك، بحساب ذلك الزمن قد تتعدى اليوم، حسب تقدير الأستاذ تليلاني، 80 مليار دولار، حيث أكد أن بعض الفرنسيين قد قدروها بـ180 مليار دولار.
كنوز الخزينة الجزائرية تم تحميلها على ظهر 100 من البغال في ظرف 3 ليال نحو الميناء وهُرّبت إلى فرنسا على متن 5 بواخر
وأضاف المتحدث أنه كل شيء يكمن في بيان “فخامة مال الخزينة الجزائرية” في ذلك الوقت، الذي تحدث عنه المؤرخون، يوم نقلت الكنوز من قصر الجنينة إلى قصر القصبة، حيث قالوا إنها حملت على ظهر مائة من البغال في ظرف ثلاث ليال، ثم وجهت نحو الميناء وحملت بعدها على متن خمس بواخر وهُرّبت إلى فرنسا، وهو ما جاء في كتاب تاريخ الجزائر العام لعبد الرحمان الجيلالي.
هل سرقت فرنسا حديد برج إيفل من الجزائر؟
وفرنسا متهمة بسرقة ما يقارب 7 آلاف طن من الحديد الجزائري تم بها تشييد أحد أهم المعالم السياحية في العالم، “برج إيفل” الشهير بالعاصمة باريس، خلال فترة حكم الجمهورية الثالثة.
ويتداول جزائريون قصّة نهب الحديد المستعمل في تشيد برج إيفل من بلادهم بفعل إعجاب المهندس غوستاف إيفل بنقاوة حديد الجزائر المستكشف وقتها من فرق البحث عن المعادن رفقة الجيش الفرنسي.
ويشير الجزائريون إلى سرقة فرنسا آلاف الأطنان من الحديد من منجميْ الروينة وزكار، بمدينتي عين الدفلى وخميس مليانة لبناء برج إيفل،لكن دون أدلة تاريخية موثقة،بينما الفرنسيون يصرون على أن حديد برج إيفل نُقل من مدينتي لوريان ونانسي الفرنسيتين.
ويبقى الحل الوحيد للتأكد ما إذا كانت فرنسا سرقت فعلًا الحديد الجزائري لبناء برج إيفل هو العودة لأرشيف مصنع فولد ديبون (Fould-Dupont) بمقاطعة مورث موزال الفرنسية، للاطلاع على أرشيف مصادر المادة الخام التي استعملها المصنع في إنجاز برج إيفل، ومعرفة إن كان مصدرها الجزائر أم لا.
فرنسا تدين للجزائر بـ 24 مليون قطعة ذهبية
كشف الباحث محمد أمين بلغيث رئيس قسم العلوم والحضارة الإسلامية في جامعة الجزائر، في ماي 2020، أن قيمة الدين الجزائري المستحق لدى فرنسا قبل الاحتلال قدر بحوالي 24 مليون قطعة ذهبية في ذلك العصر
ونقلت وكالة الأنباء الجزائرية عن المؤرخ قوله خلال محاضرة حول “جرائم الاحتلال في الجزائر” إن “هذا الدين المستحق من فرنسا قبل الاحتلال لم يسترجع إلى حد اليوم”.
وأكد أن “هذا المبلغ يمثل جزءا يسيرا من ممتلكات في شكل أموال أو أشياء ثمينة سلبها جيش الاحتلال الفرنسي خلال الأشهر الأولى من الغزو، تم نقلها بعد ذلك إلى القارة الأوروبية”.
وذكر أنه تم “تحويل كميات كبيرة من القطع الذهبية على متن خمس سفن فرنسية، فضلا عن أشياء ثمينة وحوالي 30 ألف بندقية ذات قيمة كبيرة، وكان ذلك بأمر من سلطات رسمية فرنسية في ذلك العهد”، مضيفا أن جزءا منها ذهب إلى المملكة المتحدة لمساعدتها في الحملة الاستعمارية.
وأكد بلغيث في هذا الإطار أن “محاولة أولى تم القيام بها سنة 1955 بمناسبة انعقاد قمة دول عدم الانحياز بباندونغ من أجل استرجاع هذه الممتلكات، لكنها باءت بالفشل نظرا للجو الجيوسياسي الذي كان يسود آنذاك”.
في فيفري 2018، صُدر قرار عن المجلس الدستوري الفرنسي يقضي بتعويض ضحايا “حرب الجزائر “،حيث أقر المجلس الدستوري الفرنسي في الثامن من فبراير 2018 حكماً بعدم دستورية المادة 13 من قانون 31جويلية 1963، وأقر بمبدأ “المساواة أمام القانون” بين من تسميهم الضحايا المدنيين من ذوي الجنسية الفرنسية وكل ذوي جنسية أجنبية، بمن في ذلك الجزائريون الذين تعرضوا إلى جروح أو أمراض أو عاهات نتيجة عمليات أو أعمال عنف في الفترة ما بين 31 أكتوبر 1954 وسبتمبر 1962، على اعتبار أن الجزائر كانت أرضاً فرنسية آنذاك.
وجاء القرار الفرنسي بعد شكوى رفعها مواطن جزائري مقيم في مدينة بوردو الفرنسية يدعى “عبد القادر. ك”، طالب القضاء الفرنسي بضرورة إعادة النظر في قانون التعويضات الصادر في 1963، بحجة أنه قانون “عنصري” يفرّق بين ضحايا الحرب الواحدة.
(يتبع)
عمار قردود