الأمين العام لحزب اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية ، صالح عبد الرحمن لـ”أفريكا نيوز” :
يؤكد الأمين العام لحزب اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية، صالح عبد الرحمن، أن عمال الجزائر ساهموا بفعالية في إنجاح خطط التنمية التي تبنتها الدولة بعد الاستقلال، خاصة في ستينيات وسبعينيات القرن العشرين ضمن إطار سياسة التصنيع الثقيل وإنشاء مصانع الحديد والصلب والصناعات الميكانيكية والنسيج، مما أدى إلى تقليص التبعية الاقتصادية للخارج في ذلك الحين.
قال الأستاذ صالح عبد الرحمن، في تصريح لـ”أفريكا نيوز”، أن العمال الجزائريين وُضع على عاتقهم تحديات كبيرة ترتبط بإعادة بناء ما دمّرته سنوات الحرب الطويلة مع الاستعمار الفرنسي، ورهان إرساء دعائم دولة حديثة تقوم على العدالة الاجتماعية والتنمية المستدامة، حيث شكلوا لبنة أساسية لكل جهود التشييد، وتصدّروا المشهد الوطني في ورشات البناء والطرقات والمصانع، وساهموا في إقامة مشاريع سكنية، ومؤسسات تعليمية وصحية، ومدّ شبكات الماء والكهرباء، ممّا ساعد على تحقيق الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي في البلاد.
كما ساهم عمال الفلاحة، بحسب صالح، في حملات التأميم الزراعي ودعم السيادة الغذائية للجزائر، وتطوير الإنتاج الصناعي الذي أسفر عن ظهور علامات تجارية كانت ولازالت مفخرة للجزائريين مثل “سوناكوم” و”ايني” و”اينيام” و”سوناريك” و”سوناريم” وغيرها من العلامات.
ولم تكن مساهمة العمال الجزائريين في مسيرة البناء مجرد مجهود جسدي أو تقني، وإنّما كانت في كثير من الأحيان مليئة بالتضحيات الجسام، إذ عمل في سنوات ما بعد الاستقلال الآلاف من العمال في ظروف صعبة وقاسية، وسط نقص في التجهيزات والحماية الاجتماعية، وفي مناطق نائية ومعزولة، ورغم ذلك، لبّوا نداء الوطن، ووضعوا مصلحة الجزائر فوق كل اعتبار.
وتابع المتحدث: “في ضوء احتفائنا باليوم العالمي للشّغل، نستحضر بخشوع واحترام دور الحركة الوطنية الجزائرية التي وُلدت على يد عمال المناجم والمصانع الجزائريين، وكانوا نواة لأول كيان سياسي جزائري من خلال تأسيس حزب نجم شمال إفريقيا، باعتباره أساس النضال السياسي للشعب الجزائري طيلة عقود، وصولاً لثورة التحرير المباركة وإنشاء الإتحاد العام للعمال الجزائريين، وعيًا من قيادة الثورة المظفرة، آنذاك، بالدور الهام للعمال في مسيرة الإستقلال والبناء”.
وفي بداية التغييرات الاقتصادية التي شهدتها الجزائر في ثمانينيات وتسعينيات القرن الماضي، وفقًا لصالح، واجه العمال تحديات جديدة كالبطالة وتسريح اليد العاملة بالتوازي مع توجه الدولة نحو اقتصاد السوق. ومع ذلك، استمروا في لعب أدوار فعالة، خصوصًا في القطاع الخاص والمبادرات الفردية، وأكدوا قدرتهم على التكيّف والتطور في ظل الظروف الصعبة المستجدة.
أمّا أثناء العشرية السوداء (1990–2000)، فكان أبرز تحدي للصناعة والعمال الجزائريين هو الظرف الأمني الصعب والوضع الاقتصادي المضطرب، اللذان حتما غلق كثير من المؤسسات والشركات وتسريح آلاف الموظفين، لكن واصل البقية عملهم رغم التهديدات الإرهابية، وفقد العديد منهم حياته خلال إنجازهم لمهامهم في المصانع والمرافق الحيوية الإنتاجية، وهذه التضحيات كانت بمثابة مقاومة جديدة تدخل في خانة “المقاومة من أجل البناء الوطني”، بحسب قوله.
وإلى اليوم، مثلما ذكر عبد الرحمن، ما زال العمال الجزائريون يشكلون ركيزة أساسية في التنمية الوطنية، ويساهمون في إنجاز مشاريع ضخمة كميناء الحمدانية، وخطوط المترو، والسكنات الاجتماعية، والبنية التحتية الرقمية، كما أن انخراطهم في الحركات النقابية والدفاع عن حقوقهم يعكس وعيهم العميق بدورهم في بناء وطن مزدهر ومتقدم.
علاوة على ذلك، صارت الجزائر بسواعد إطاراتها وعمالها قادرة على تشييد المدن الجديدة وعشرات آلاف هياكل البنى التحتية مثل المدارس والمستشفيات والسدود ومحطات الطاقة ومركبات تحلية مياه البحر والطرق والجسور وشبكات السكك الحديدية وملايين الوحدات السكنية الاجتماعية.
واسترسل الأستاذ: “كان، ولا يزال، للعمال الجزائريين دور لا يُستهان به في مسيرة بناء الجزائر الحديثة، فبروحهم الوطنية وتفانيهم في العمل، ساهموا في تحويل أحلام الاستقلال إلى واقع ملموس، ومن الواجب على الدولة والمجتمع مواصلة دعمهم وتكريمهم، فهم بناة الوطن الحقيقيون”.
جهود كبيرة تُبذل حاليًا لإعادة بعث النسيج الصناعي في البلاد، عبر تشجيع الاستثمار المحلي والأجنبي، سعيًا لتحقيق الهدف المعلن من قبل السلطات العمومية ألا وهو رفع نسبة مساهمة الصناعة في الاقتصاد الوطني وتوفير آلاف مناصب الشغل الجديدة للجزائريين، يختم الأمين العام لحزب اتحاد القوى الديمقراطية والاجتماعية، صالح عبد الرحمن.
فارس ڤليل