همسات بقلم : صالح قليل
لم يكد النظام السوري ينهار، حتى سارعت إسرائيل إلى الاستفادة من هذا المستجدّ، بإطاحة اتفاق “فض الاشتباك” الموقع بين سورية وإسرائيل في العام 1974 بشأن الجولان المحتل، والسيطرة على موقع جبل الشيخ العسكري السوري والمنطقة العازلة بين الدولتين، وذلك في وقتٍ شن طيران الاحتلال سلسلة غارات على مواقع عسكرية. أما رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو فسارع إلى نسب الفضل إلى الاحتلال في سقوط بشار الأسد، معتبراً أن هذا الأمر “نتيجة مباشرة للضربات التي أنزلناها على إيران وحزب الله، الداعمين الأساسيين لنظام الأسد”، وأن هذا الأمر ينشئ “فرصاً لإسرائيل”.
وقال نتنياهو، خلال جولة في هضبة الجولان السورية المحتلة برفقة وزير الأمن يسرائيل كاتس، ورئيس المجلس الإقليمي للمستوطنات في الجولان أوري كلنر، اليوم الأحد، إن “هذا يوم تاريخي في تاريخ الشرق الأوسط”، في إشارة إلى سقوط نظام بشار الأسد. وأضاف أن “نظام الأسد هو حلقة مركزية في محور الشر الإيراني، وهذا النظام سقط. وهذه نتيجة مباشرة للضربات التي أنزلناها على إيران وحزب الله، الداعمين الأساسيين لنظام الأسد. وهذا أحدث رد فعل متسلسل في أنحاء الشرق الأوسط من جانب الذين يريدون التحرر من نظام القمع والاستبداد هذا”.
إن هذه التصريحات الصادرة من طرف المسؤولين الأمريكيين والصهاينة تعتبر دروسا للغافلين المحتفلين بالنصر المزعوم، فرحين بالهدية المسمومة التي قدمت للمعارضة على أساس نصر عظيم لها، والتي كانت على حساب ضرب حلفاء المقاومة السورية، وإبطال الضغط على الكيان الصهيوني، ومنحه الفرصة لابتلاع أجزاء من سوريا وإبطال المطالبة بالأراضي المحتلة في الجولان، وفسح المجال واسعا للاستمرار في حرب الإبادة ضد الشعب الفلسطيني في غزة.
إن بشار الأسد يتحمل العبء الأكبر من المسؤولية التي أصابت الوطن السوري، وأحدث جرحا ثخينا في جسد الوطن العربي، وهذا بسب أخطاء بشار في تسيير الأزمة منذ عام 2011 حيث ضيع فرصة التفوق العسكري، وتوفر الإمكانات المادية، ولم يتمكن من التحكم في زمام الأمر، برفضه التفاوض والتحاور آنذاك مع الطرف الآخر، ولم يرض حتى بالتنازل عن الرئاسة لأحد المقربين منه من أجل تليين المواقف، والشيء المخجل أن بشار الأسد ترك نفسه ليكون عبئا ثقيلا على حلفائه، وعلى جيشه وعلى شعبه الذي تحمل ما لا يطيق بخوضه طيلة 13 سنة من المعارك على مختلف الجبهات، وبقيت الدوائر تدور، وتحاك الدسائس من حوله، ولم يغير مواقفه السياسية والدبلوماسية حتى تجاوزته الأحداث.