الصحفي والمحلل السياسي السوداني ، خالد شرف الدين لـ”أفريكا نيوز” :
“الدعم السريع خسرت سياسيا وعسكريا ولن يكون له أي مستقبل في البلاد”
“الإمارات التي لعبت دورا كبيرا جدا في هذه الحرب تسعى لايجاد قدم لها في إفريقيا”
حاورته : كاميليا أمير
انقلبت موازين القوى في الحرب الدائرة منذ سنتين في السودان، حيث سجلت القوات العسكرية السودانية تقدما كبيرا في الميدان بالموازاة مع خسائر فادحة سجلتها قوات الدعم السريع، كما احرزت الحكومة السودانية نجاحات دبلوماسية كبيرة خاصة لدى مجلس الامن اين تمكنت من فضح تامر الامارات العربية المتحدة التي طالما ساندت ميليشيا الدعم السريع عسكريا وماليا، بعد كل هذه الانتصارات قررت الحكومة السودانية ان تغرم دولة الامارات نتائج تدخلها السافر في الشان السوداني من خلال رفعه لقضية ا لدى محكمة العدل الدولية والتي اتهمت فيها الخرطوم ابو ظبي بدعم الارهاب في البلاد، وللحديث عن تفاصيل ما يحدث في السودان اجرينا هذا الحوار مع الصحفي والمحلل السياسي السوداني خالد شرف الدين.
تعددت مؤخرا خسائر قوات الدعم السريع كثيرا على الصعيدين الميداني العسكري وكذا السياسي لصالح الحكومة السودانية ، التي استطاعت استرجاع مقر الرئاسة والعديد من المناطق التي كانت تخضع لسيطرة الدعم السريع … كيف تقرؤون ذلك ؟
بالطبع الانتصارات توالت منذ بضعة أشهر حيث بدأت القوات المسلحة السودانية تلتقط قفاز المبادرة وهذه الهجمة العكسية التي قادتها القوات المسلحة في مواجهة مليشيا الدعم السريع هي ليست عملية مرتجلة، بل هي واحدة من تكتيكات الجيش السوداني، ولمن لا يعرف الجيش اوضح له بانه جيش تأسس منذ أكثر من 100 عام، وظل طوال هذه العقود واحد من أقوى الجيوش في المنطقة. ابتلي هذا الجيش بالعديد من الحروب ومن بينها الحرب التي دارت في جنوب السودان حتى قبل الاستقلال، يعني منذ العام 1955 حيث اندلعت أول شرارة للتمرد في جنوب السودان، والتي قادت إلى انفصال ذلك الجزء العزيز عن الوطن في العام 2011، مليشيا الدعم السريع ارتكبت خطأ كبيرا جدا بتمردها على القوات المسلحة التي صنعتها، وهي لا تعدو كونها مليشيا أوجدتها ظروف معينة من قوات الاحتياطي وقوات التدخل السريع المعروفة في كل العالم وهذا هو سبب وجود تلك القوات في الفترة الماضية كرافد مساند للجيش.
ولكن الأطماع الخارجية والأطماع الداخلية قادت تلك القوات إلى التمرد، وأشعلت فتيل الحرب في البلاد ليأتي على الأخضر واليابس ويتسبب في تشريد أكثر من 15,000,000 نسمة، وفي تدمير البنى التحتية والمنازل وغيرها… يعني واقع إنسان مرير وفظيع.
القوات المسلحة التقطت قفاز المبادرة خلال الأشهر الماضية، وهي طبعا كانت قد امتصت الصدمة الأولى، واستجمعت قواها، ورتبت الصفوف، والتف الشعب من حولها وحصل هنالك تلاحم كبير جدا، تلاحم معنوي، تلاحم مادي وعملي من المواطن السوداني الذي يتصدر هذه الحرب جنبا إلى جنب مع قواته المسلحة، يقاتل معها بكل ما يملك من إمكانيات، وهذا ما قاد الجيش لتحقيق الانتصارات الكبيرة جدا، بدءا من جبل مويا والسنجيا وتحرير ولاية الجزيرة، وصولا الى العاصمة الخرطوم وتنظيف الطريق ما بين مدينة كوستي ومدينة العبيط في شمال كردفان، وصمود مدينة الفاشر في شمال دارفور وكل هذا الحراك وكل هذه الانتصارات إنما حدثت بفضل تماسك الشعب وتماسك القوات المسلحة و كدا خبرتها وحنكتها وتخطيطها، وفي المقابل تأخرت وتراجع تلك المليشيا، على الرغم من الدعم اللوجستي الكبير الذي تقدمه عدد من الدول لصالح هذه المليشيات.
أعلن مؤخرا عن قيام حكومة موازية من كينيا ، هذه الحكومة التي لاقت رفضا من العديد من الدول على رأسهم الاتحاد الافريقي ، ماذا يمثل لكم إعلان قيام هذه الحكومة ؟
حقيقة تم إعلان حكومة موازية في كينيا، وهذا طبعا أدى إلى توتر العلاقات بين البلدين حيث أعلنت الحكومة السودانية مقاطعتها لكينيا دبلوماسيا وتجاريا وعلى عدة أصعدة أخرى، وذلك لفداحة الجرم الذي ارتكبته دولة كينيا كواحدة من دول الجوار والعضو في الاتحاد الإفريقي، بكل أسف، سمحت كينيا لهذه المليشيا أن تستخدم أراضيها، بل أن تساندها على تنظيم اجتماعات هناك، لإعلان حكومة موازية.
الرمزية في قيام حكومة موازية تعني بأن هنالك حقيقة نوايا كبيرة وقوية لتقسيم السودان من جديد، هذه الحكومة في حد ذاتها لن يكون لها أي تأثير في حال قيامها على أرض الواقع، ولكن رمزية قيام حكومة موازية يعتبر جرما وهذا هو الخطأ الذي لا يسمح به الشعب، ولا تسمح به السلطة الموجودة حاليا، هذه حكومة حتى قبل أن تولد وجدت رفضا كبيرا جدا على المستوى الداخلي والإقليمي، وحتى على المستوى الدولي. ليس هنالك سوى حفنة محدودة جدا من الجهات التي أقرت تلك الحكومة، من بينها طبعا الإمارات وكينيا المضيفة لتلك الاجتماعات.
بعد أن أصبح حميدتي ومعه الدعم السريع ورقة محروقة ، دخل مؤخرا حمدوك على الخط ليركب موجة الحكومة الموازية المزعومة ، في رأيكم ماذا يمثل دخول حمدوك من جديد في المعادلة السودانية ؟
بالطبع حميدتي وقواته مليشيا الدعم السريع وكل من شايعهم، هؤلاء كهم أصبحوا في عداد المفقودين تماما من الحسابات السياسية خصوصا عند الحديث عن مستقبل البلاد. والدليل إن القوى السياسية التي كانت موجودة في كينيا خلال إعلان قيام الحكومة الموازية، والتي ساندت قيام هذه الخطوة واسطة مليشيا الدعم السريع، ممثلة في الحرية والتغيير، وفيما بعد أطلقت على نفسها تحولات ومسميات من بينها الصمود وغيرها من المسميات، والتقدم…كلها قد تشظت.
في نفس الوقت أعلن حمدوك قوة ومجموعة من الأحزاب التي كانت فيما قبل قد ساندت مليشيا الدعم السريع ليعلنوا كلهم انفصالهم عن هذه حكومة الموازية، وطبعا كانت هي التمثيلية أو مسرحية مكشوفة وهزيلة، فهم جميعهم يقفون على صعيد واحد ويسعون لنفس المسعى وهو الاحتفاظ باحتياطي من وقود تلك المعركة ضد الجيش والشعب السوداني، عبد الله حمدوك وجد فرصة مثل التي وجدها المدعو حميدتي، ولكنه بكل أسف أضاع تلك الفرصة.
كانوا يعولون على إمكانية تحقيق الدعم السريع لانتصار سريع يمكن أن يطيح بقادة الجيش، وبالتالي يتيح لهما الفرصة لإدارة شؤون البلاد، وعندما فشلوا في ذلك عادوا إلى الموالاة المشروخة، فكرة استعادة الديمقراطية، وفكرة العمل والضغط السياسي، وتلك المزاعم التي يعتقدون أن المجتمع الدولي والمجتمع الإقليمي يمكن أن يقف معهم فيها ويساندهم لإحداث اختراق، هذه المجموعة الآن لا مكان لها في ضمير ووجدان الشعب السوداني، ولا أتصور أبدا أن يقبل المجتمع السوداني بعد كل ما حدث بحمدوك أو غيره من المجموعة التي ساندت الدعم السريع أن يقبل بهم في فكرة إدارة البلاد في الفترة المقبلة، هذه المعادلة أصبحت واضحة جدا فهذه المجموعة خسرت الشعب وخسرت كل ما كانت تدعيه وما كانت تتدثر به من مواقف ومن قيم وطنية، كلها تبددت تماما بمجرد أن دعمت وساندت قيام هذه الحرب اللعينة ضد الجيش و الوطن وضد الشعب وضد مقدرات الشعب.
ندد ممثل السودان الحارث من منبر مجلس الأمن بالتدخلات الأجنبية ، وذكر مرارا اسم الإمارات التي اتهمها مباشرة بتسليح الدعم السريع وتأجيج الوضع في البلاد ، ماذا تمثل الإمارات العربية المتحدة في الصراع السوداني ؟

ما قام به سفير السودان أو ممثل السودان لدى الأمم المتحدة الحارث في مجلس الأمن من أدوار مشهودة، وهي أدوار مدروسة بالطبع، والحارث هو طبعا يمثل الدولة السودانية في هذه المرحلة، ولذلك كل ما قاله أو ساقه من اتهامات لاي جهة ساندت مليشيا الدعم السريع في حربها وعلى رأسهم الإمارات، كل ذلك هو لسان حال الشعب السوداني.
الحارث لم يقل إلا ما هو حاصل فعلا، وهو كل ما يقوله كل السودان الآن، لأنه كل الأسلحة والعتاد الحربي الموجود، وكل المؤشرات وكل التحركات هي معلومة لدى الجميع، كل العالم يعرف نشاطات الإمارات في دعم هذه المليشيات.
الإمارات التي لعبت دورا كبيرا جدا في هذه الحرب تسعى في الحقيقة لإيجاد قدم لها في إفريقيا، وتحاول بقدر الإمكان أن تواصل حصادها للثروات المعدنية التي قدمتها لها مليشيا الدعم السريع على طبق من ذهب، وأعني بذلك طبعا الذهب من جبل عامر، أو من مناجم جنوب دارفور، في سمكو، وفي محلية أو غيرها من الشركات الكثيرة التي تقوم بالتعدين في تلك المناطق، وتدفع بكميات كبيرة من المعادن، تطمع الإمارات مستقبلا أن يكون لها وجود أكبر في المنطقة، وبالطبع هنالك دول أخرى أيضا تتحالف معها من أجل الحفاظ على هذه الموارد التي كانوا يعتقدون أنها يمكن أن تؤول لهما بكل سهولة بمجرد أن يوفروا الدعم لمليشيا الدعم السريع لتقوم بالإطاحة بقادة الجيش وتتسيد المشهد الأمني والسياسي في البلاد، وبالتالي يخلو لهما الجو للاستفادة من ثروات ومقدرات البلاد، هذا الدور الذي قامت به الإمارات هو دور مخزي ودور مخجل، و بالتأكيد لن يمر هكذا بدون عقاب. الشعب السوداني سيظل يكن لدولة الإمارات هذا الموقف السيء تجاه البلاد وسيظل يحتفظ لنفسه بحقه في الرد عليها، وتاريخيا لن تغتفر هذا التمادي من قبل دولة الإمارات في التلاعب بأمن واستقرار البلاد، وهي المتسبب الأول في كل ما حدث للسودان.
بدأت قبل ايام قليلة جلسات الاستماع العلنية ، في القضية التي رفعها السودان على الامارات العربية المتحدة لدى محكمة العدل الدولية ، والتي اتهمت فيها الخرطوم ابو ظبي بدعم الارهاب في البلاد ، من خلال مليشيا الدعم السريع ، ماذا يمثل ذلك في رأيكم ؟
هذه الخطوات تعتبر إنجازا مهما جدا وتطور لافت في قضية السودان و حربه الدائرة منذ منتصف أفريل 2023، والإمارات العربية المتحدة لا يخفى دورها طبعا في هذه الحرب، وكانت تحاول أن تتستر على جرائمها بحجج كثيرة جدا مثل كونها تستخدم الطائرات لنقل مساعدات إنسانية وما إلى ذلك، وطبعا حتى نقل المساعدات الإنسانية بطريقة احادية دون التنسيق مع أي طرف رغم وجود سفيرها الآن في بورسودان،
هذا أمر مستغرب جدا طبعا، ولكن ليس بغريب على دولة مثل الإمارات ظلت دوما تصطاد في المياه العكرة، وظلت تشكل الكثير من المشاكل للعديد من الدول في الإقليم، هذا الإنجاز مهم جدا في سبيل وضع العالم بأسره أمام هذه الدولة التي أشعلت هذه الحرب، وتلك الإبادة الجماعية لم تتوقف على إقليم دارفور فحسب، وإنما تمت في مناطق عديدة في وسط السودان، خاصة في إقليم الجزيرة، ولذلك تعتبر هذه الخطوة القانونية أو القضائية الدولية من شأنها أن تثبت حق لذوي الضحايا في ولاية الجزيرة و سنار و النيل الأبيض و دارفور بالأخص في منطقة الجنينة حاضرة ولاية غرب دارفور وغيرها من المناطق، بالإضافة إلى الجرائم التي ما زالت مستمرة من خلال إرسال المسيرات الاستراتيجية الواصلة من الإمارات بالطبع ووجود العديد من الأجانب القناصين المحترفين دوليا الذين يحملون وثائق تثبت علاقتهم بدولة الإمارات، جاءوا للارتزاق من وراء هذه الحرب في السودان، عموما هذه الخطوة بالتأكيد لها ما بعدها في إطار التقصي والمتابعة للجهات الضالعة في إشعال هذه الحرب في السودان.
كيف يمكن وصف المؤشر المسمى “دارفور” في الصراع في السودان ؟
إقليم دارفور هو الاحتياطي الذي وضعته القوى التي أشعلت تلك الحرب لتلوذ اليه في حال فشلها في تحقيق أي إنجاز أو انتصار على مستوى بقية الأجزاء السودان، على الأقل تريد أن تتأزم في إقليم. دارفور في أقصى الغرب لتمارس الضغوط وتمارس فيه أنشطة سياسية وعسكرية ضد البلاد، وربما يقود ذلك إلى انفصال ذلك الجزء أيضا، اسوة بما حدث في جنوب السودان، ولكن هيهات، لان الذين أشعلوا الحرب شاركوا فيها فوجئوا بصمود العاصمة التاريخية لإقليم دارفور، مدينة الفاشل، حتى الآن، مثلما فوجئوا بانحياز حركات الكفاح الثوري بكل بسالة إلى صفوف القوات المسلحة، وكذا برفض المجتمع حتى في دارفور لأساليب تلك المليشيا، على الرغم من إنها تقمعه.
الآن كل من يتابع الأوضاع في الفاشر، والجنينة، أو الذهنية يسمع عن تلك الممارسات البشعة التي تقوم بها هذه المليشيا بحق المواطنين، وكذا عن ممارسة بيع الأسلحة والمخدرات والانفلاتات الأمنية الكبيرة وعن الصراعات التي تدور بين حواضن تلك المليشيا ومن جهة اخرى الضياع الذي مورس على الجماعات التي ظلت متمسكة بوجودها في تلك المدن.
هذه الجماعات اذاقتها المليشيا ويلات كثيرة جدا، وهذا ما خصم تماما من رصيد هذه المليشيا وجعلها مرفوضة لدى الشعب تحت اي لحظة، مثل ما حدث في كل المدن الأخرى في الوسط التي دخلت اليها سابقا المليشيا لمجرد أن دخل إليها الجيش استقبلته جماهير الشعب بالدموع والاحتفالات التي ظلت مستمرة إلى اليوم.
لذلك دارفور لن تقاتل وحدة هذا الشعار المرفوع الآن، دارفور ستظل جزء من هذا السودان، القوات المسلحة في مسيرتها التي بدأتها بتحرير المناطق في الوسط وفي الخرطوم لن تتوقف إلا عند الحدود مع دول غرب إفريقيا وأعني بذلك تشاد وأفريقيا الوسطى واخر حدود البلاد.
توترت الأوضاع مؤخرا مع الجار الجنوب سوداني ، خاصة فيما يتعلق بقضية اللاجئين ، ما هو تفسيركم لذلك ؟
الدولة جنوب السودان التي انفصلت على البلاد منذ عدة سنوات مرتبطة بالسودان وهذا بطرق كثيره جدا، وظلت الحكومة في كل المراحل ترعاها منذ انفصالها، وتوفر لها كثير من الإسناد، ولكن يعني دوما دخول المال في المعادلات يغيرها بالتأكيد، ويمكن تابعنا الحراك بين أبوظبي وجوبا، الفترة التي سبقت تلك التوترات التي حدثت في بين السودان وجنوب السودان بشأن قضية مفتعلة اثيرت حول يعني تعرض بعض المواطنين الجنوب سودانيين بعد دخول لقوات المسلحة إلى مدينة واد مدني بالجزيرة، لان هناك عدد كبير جدا من الجنوبيين معروف إنهم جنود أو بالكتائب تقاتل جنبا إلى جنب مع مليشيا الدعم السريع اشتريتهم تلك المليشيا ووظفتهم كوقود في تلك الحرب.
ولذلك، عندما ضاعت منهم حاضرة الجزيرة أرادوا أن يعزفوا على وتر تصفية بعض الذين كانوا مشاركين في تلك القوات المليشيا التي تحارب فيها الجيش وفي البلاد أثاروا تلك الفتنة حتى يجدوا مبررا أيضا للتباعد بين السودان وجنوب السودان، المسألة ليست نابعة من الشعب الجنوب السوداني بكل أسف وإنما هي مصدرة إليه أيضا من دولة الإمارات التي بادلت بإنشاء مستشفى على الحدود بين البلدين، تماما مثل مستشفى ومجلس في الحدود بين السودان، وتشاد ليستغل لأغراض أمنية، وكل تلك المحاولات اليائسة من دولة الامارات المكشوفة لان الاستخبارات السودانية عينها و يدها طويلتان لذلك استطاعت أن تكشف تلك المحاولات، و ولذلك حاولوا أن يمعنوا في توتير العلاقة بين البلدين السودان وجنوب السودان حتى يستطيع أن يجدوا موطأ قدم لهم في تلك البلاد، ولكن في تقديري طبيعة العلاقة الازلية بين الشعبين في السودان وجنوب السودان لن تسمح بأن يعني استمرار هذه التوترات طويلا، لأن الشعب الجنوبي الموجود في الشمال، حتى في ظل الحرب لا يستطيع أحد أن يصدق انه هناك اعداد مهولة جدا من الجنوبيين موجودين ولا يعترفون بأنهم صاروا دولة حتى الآن.
يبدو أن خسارة الدعم السريع أصبحت قاب قوسين أو أقل ، ما هي السيناريوهات المستقبلية بحسبكم ؟
خسارة الدعم السريع أصبحت واضحة جدا ومكشوفة لكل المراقبين ، في كل يوم نسمع عند الصباح الباكر أن هنالك تقدم للجيش حدث في المناطق معينة، بعد ساعة واحدة فقط نسمع عن تقدم حدث في مواقع أكثر عمقا، وهكذا بهذه الوتيرة المتصاعدة بالتأكيد الفشل أصبح واقع بقوات الدعم السريع، التي لا تقاتل في العاصمة الخرطوم من أجل قضية إنما تقاتل من أجل أن تجد فرصة للهروب، مثلما حدث في الامس القريب اين حاولوا الهروب بطريقة مكشوفة، واضحة جدا، وأسقطتهم القوات المسلحة في كمين، يعني تعرضوا من خلاله لمذبحة غير مسبوقة، سكتوا عنها، ولكنها بالتأكيد كانت ضربة مؤلمة وموجعة جدا بالنسبة لهم، في إحدى محاور العاصمة الخرطوم، و لا يزالون يخسرون المناطق ومازال يخسرون المواقف ومازالوا يخسرون أي تعاطف أو تأييد يوما بعد يوم، والآن كل الحواضن التي حاولوا أن يخلقوا بها تغييرا ديموغرافيا سواء كان على مستوى العاصمة أو في الولايات التي دخلوا إليها في الوسط، هربت منذ فترة إلى أقصى غرب البلاد، واستقرت هناك من اجل أن يجدوا أمان لأنفسهم وليفكروا كيف سيكون مصيرها في مستقبلهم.
ظللنا نسمع الأيام الأخيرة عن أوضاع إنسانية مزرية، يعني كما تدين تدان، هما الذين شردوا المواطنين من منازلهم ومن قراهم ومن مدنهم، والآن هم أيضا أصبحوا لاجئين ونازحين، عادوا بإعداد مهولة جدا إلى دارفور التي لم يجدوا فيها مكان يستقبلهم ولا منظمات عاملة حتى هناك لكي تقدم لهم العون والمساعدة، هذا هو الحال الذي أوصلوا له أهلهم وذويهم الذين استجلبوهم ال العاصمة الخرطوم، وأغددقوا عليهم بالعطاء، من الأموال المنهوبة والمساكن والمتاجر وشركات وأموال المواطنين.
عموما الدعم السريع خسرت سياسيا وعسكريا، وسيخسرون كثيرا جدا ولن يكون له أي مستقبل أو وجود في المشهد السوداني، وحتى القوى السياسية التي وقفت إلى جانبه أيضا، لن يكون لها وجود في المشهد السوداني في المستقبل، وهنالك الكثير من الصيغ والسيناريوهات التي يحاولون أن يقوموا بإنتاجها، ولكن هيهات مثل هذه السيناريوهات لن تنطلي على أحد بعد اليوم.
