على هامش زيارة الوزير الأول الإيطالي للبلاد
حلّ اليوم الاثنين رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي، بالجزائر، حيث التقى برئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، وفق ما أعلنت عنه، الحكومة الإيطالية في بيان لها عبر موقعها الإلكتروني.
وتم استقبال دراغي في الساعة الثانية والنصف بعد ظهيرة أمس، لإجراء محادثات في القصر الرئاسي بالمرادية مع رئيس الجمهورية الذي استضافه مساء على مأدبة عشاء.
وجاء في بيان لرئاسة الجمهورية “تلبيةً لدعوة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، يحل الإثنين، رئيس مجلس وزراء جمهورية إيطاليا ماريو دراغي بالجزائر”، وقالت الرئاسة في ذات البيان إنّ الزيارة تدخل في إطار تعزيز علاقات التعاون بين البلدين.
وتأتي الزيارة لتعزيز تعاون تاريخي ووثيق أكثر فأكثر في عديد المجالات، سيما في ميدان الغاز، ميزه تطابق في وجهات النظر حول المسائل الاقتصادية والإقليمية والدولية.
وما فتئت إيطاليا التي تعد أول زبون للجزائر التي تضمن ثلث تمويناتها الغازية، و التي قام رئيسها سارجيو ماتاريلا بزيارة الجزائر في مطلع شهر نوفمبر الأخير، تعبر عن هذه الإرادة في تعزيز التعاون الثنائي، مجددة التأكيد عن ثقتها بخصوص مصداقية الجزائر كشريك.
وكان الرئيس ماتاريلا قد أكد عقب لقائه برئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال زيارته إلى الجزائر أن “العلاقات الجزائرية الايطالية متينة وعريقة وإستراتيجية، ونحن نعمل على تعزيزها وتقويتها أكثر”.
وتسعى إيطاليا لضمان بديل للإمدادات الروسية لسدّ حوالي 40% من استهلاكها من الغاز، حيث يدرس قادة الاتحاد الأوروبي اتخاذ موقف أكثر صرامة ضد روسيا بسبب حربها مع أوكرانيا.
وقالت إيطاليا إنها ستدعم فرض حظر على الغاز الروسي، في حال اتخذ الاتحاد الأوروبي موقفاً موحّداً لدعم هذه الخطوة.
أما سفير إيطاليا بالجزائر جيوفاني بوغلييس، فقد أشار إلى أن “ثلث الغاز المستعمل في ايطاليا يأتي من الجزائر وان أكثر من 200 شركة ايطالية قامت بأشغال انجاز منشئات بالجزائر ونحن متواجدون في قطاع الصناعات الغذائية، أنها علاقة متكاملة بمستوى 360 درجة”، معتبرا أن زيارة الرئيس ماتاريلا إلى الجزائر كانت “نجاحا كبيرا وكانت لها رؤية واضحة”.
وبلغ الحجم الإجمالي للمبادلات التجارية بين الجزائر وايطاليا سنة 2020، حوالي 6 مليار دولار منها 3.5 مليار دولار صادرات جزائرية نحو ايطاليا (سيما المحروقات)، و 2.42 مليار دولار واردات من هذا البلد (خاصة التجهيزات).
إيطاليا تعتمد على الغاز الروسي لتأمين 45 % من حاجاتها
وكثفت زيارات كبار المسؤولين الإيطاليين إلى الجزائر، بدءًا من الرئيس سيرجو متاريلا، إلى رئيس الوزراء ماريو دراغي، ثم وزير الخارجية لويجي دي مايو، الذي كان مرفوقًا برئيس مجموعة “إيني” ديسكالزي.
وناقش الوفد مع رئيس شركة سوناطراك توفيق حكار الملف نفسه، أي زيادة كميات الغاز المصدرة إلى الدول الأوروبية.
وتعتمد إيطاليا على الغاز الروسي لتأمين 45 % من حاجاتها، لكن الايطاليين يبحثون عن مُصدرين آخرين انسجامًا مع المواقف الأوروبية التي قررت مقاطعة الغاز الروسي.
ويأمل الإيطاليون بزيادة تدفق الغاز عبر الأنبوب الحالي المعروف باسم “ترانسميد ـ أنريكو ماتيي” للمحافظة على ما يُسمونه “الأمن القومي الطاقوي”، حيث ينقل الأنبوب الغاز الطبيعي من الصحراء الجزائرية إلى جزيرة صقلية عبر الأراضي التونسية منذ سنة 1983.
وارتفعت صادرات الغاز من الجزائر إلى إيطاليا في 2021 بنسبة 76 % إلى 21 مليار متر مكعب، وهو ما يمثل 28 % من مجمل الاستهلاك، غير بعيدة عن حجم الإمدادات الروسية لإيطاليا التي بلغت 29 مليار متر مكعب.
وتبلغ طاقة نقل أنبوب الغاز “ترانسميد” 32 مليار متر مكعب سنويًا، أي أربعة أضعاف حجم أنبوب “ميدغاز” الذي يزود إسبانيا بالغاز الجزائري.
مخزون الجزائر من الغاز الطبيعي يقدر بـ150 تريليون قدم مكعب
وبحسب الخبراء لا زالت سعة الأنبوب الجزائري قادرة على استيعاب المزيد من كميات الغاز، وناقشت الجزائر وروما هذا الموضوع في مداه القريب والمتوسط.
وتملك الجزائر مخزونًا كبيرًا من الغاز الطبيعي يُقدر بـ150 تريليون قدم مكعب، وهي تحتل الرتبة 11 عالميًا بفضل ذلك المخزون.
الجزائر شريك استراتيجي لأوروبا في مجال الطاقة
كما أنها تخطط لاستثمار 40 مليار دولار بين 2022 و2026 في استكشافات النفط والإنتاج والتكرير، وكذلك استكشاف الغاز واستخراجه.
وبالنظر لقرب المسافة بين جنوب أوروبا والسواحل الجزائرية، يمكن أن تُصبح الجزائر شريكاً استراتيجيًا لأوروبا، خاصة أنها تُؤمن لها حاليًا 42 مليار متر مكعب من الغاز، أي 11 في المئة من حاجاتها إلى الغاز.
الجزائر سترفع صادراتها إلى إيطاليا 10 مليارات متر مكعب سنويا
كشفت وكالة “بلومبرغ” اتفاق الجزائر وإيطاليا على عقد جديد لرفع حجم التعاون بينهما، وذلك بمضاعفة الجزائر إمدادات الغاز الطبيعي إلى إيطاليا.
ومن المقرر توقيع اتفاق جديد يقضي برفع صادرات الغاز الطبيعي إلى إيطاليا بحوالي 50%، بمناسبة زيارة رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي إلى الجزائر، حسبما أفادت مصادر “بلومبرغ”.
وقالت المصادر ذاتها، إن الجزائر سترفع صادراتها إلى إيطاليا بحوالي 9 إلى 10 مليارات متر مكعب سنوياً بحلول نهاية العام 2022، لتتجاوز 30 مليار متر مكعب.
واستوردت إيطاليا احتياجاتها الغازية من روسيا بنحو 29 مليار متر مكعب، وهي أكبر مورد لها، بالمقابل، تلقت من الجزائر حوالي 21 مليار متر مكعب خلال عام 2021، وتسعى روما إلى تعويض الغاز الروسي بزيادة إمداداتها من الجزائر.
وترسل الجزائر إمداداتها من الغاز الطبيعي نحو إيطاليا عبر أنبوب “ترانسميد” الذي تتسع قدرته لنقل 32 مليار متر مكعب سنويًا، بينما يستغل الآن لنقل 21 مليار متر مكعب فقط.
ويمكن أيضا لشركة “سوناطراك”، تسييل الغاز وإرساله من خلال ناقلات الغاز الطبيعي، مع العلم أن وحدات التسييل الموجودة في الجزائر يتم استغلالها بنسبة 50 إلى 60 في المائة من قدراتها، وفق ما كشف عنه وزير الطاقة السابق عبد المجيد عطار.
من المقرر توقيع الاتفاق الجديد لرفع واردات الغاز من الجزائر، غدا الاثنين، بمناسبة زيارة رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دراغي إلى الجزائر، رفقة وفد يضم رئيس مجموعة إيني الإيطالية للطاقة كلوديو ديسكالزي، ووزير الخارجية لويجي دي مايو، ووزير التحول البيئي روبرتو تشينجولاني. حيث سيلتقي خلالها الرئيس عبد المجيد تبون. بالإضافة إلى عقد استثمارات مشتركة في مصادر الطاقة المتجددة، حسب ما أفادت “بلومبرغ”.
وتلقى عبد المجيد تبون، الأسبوع الماضي، اتصالا هاتفيا من ماريو دراغي تناولا فيه واقع العلاقات الثنائية المتينة بين البلدين، وسبل تعزيزها، وكذا تطوير العمل الحكومي بينهما.
عمّــــار قـــردود