Africa news – أفريكا نيوز
آخر الاخبار مساهمات

هل ستصمد مجددا سوريا أمام من يريدون إسقاط النظام !؟

  • بقلم الدكتور : رضوان بوهيدل

دخلت الأزمة السورية عامها الثالث عشر، ولا تزال واحدة من أكثر الأزمات تعقيدا في الشرق الأوسط ككل، فقد تحولت من احتجاجات سلمية إلى صراع دموي متعدد الأبعاد، تداخلت فيه عوامل داخلية وإقليمية وحتى دولية، وعلى الرغم من أن المشهد العام بدأ منذ سنوات، وكأن النظام السوري في طريقه للانهيار، إلا أن الواقع أثبت العكس، حيث تمكن النظام من الصمود أمام ضغوط غير مسبوقة، وتحالفات دولية هدفها الإطاحة به، مثلما فعلت مع العديد من الدول العربية، فيا ترى ما هي العوامل التي ساهمت في هذا الصمود؟ وما هي طبيعة التحديات التي واجهها النظام طيلة هذه السنوات؟ وهل سيصمد مجددا!؟

منذ بداية الأزمة في عام 2011، تشكلت جبهة واسعة من الدول التي أعلنت صراحة دعمها للإطاحة بالنظام السوري، أو ما يعرف بنظام بشار الأسد، فكانت الولايات المتحدة الأمريكية وحلفاؤها الغربيون في مقدمة هذه الجبهة، حيث فرضوا عقوبات اقتصادية مشددة على سوريا ودعموا المعارضة المسلحة، والتي أطلق عليهم اسم “الثوار” في الإعلام، كما لعبت الجارة تركيا دورا محوريا في دعم مختلف فصائل المعارضة السورية، خاصة تلك التي تنشط على الحدود الشمالية من البلاد، بينما قدمت العديد من دول الخليج العربي دعما ماليا ولوجستيا كبيرا لجماعات المعارضة، في محاولة لتغيير النظام، وعلى الرغم من هذه التحالفات، إلا أن الموقف الروسي والإيراني كان له تأثير كبير في تغيير موازين القوى لصالح النظام، فقد قدمت روسيا دعما عسكريا ودبلوماسيا حاسما، بدءا من استخدام الفيتو في مجلس الأمن لمنع قرارات تدين الحكومة السورية، وصولا إلى التدخل العسكري المباشر في عام 2015، الذي قلب المعادلة على الأرض، ومن عوامل صمود النظام السوري هو الدعم الروسي والإيراني،

حيث شكل التحالف الاستراتيجي مع روسيا وإيران عاملا جوهريا في صمود النظام، فروسيا، من خلال تدخلها العسكري المباشر، ساعدت في استعادة النظام السيطرة على مناطق واسعة من البلاد، بما في ذلك حلب وحمص، كما لعبت إيران دورا كبيرا عبر دعم الميليشيات الموالية للنظام، مثل حزب الله اللبناني، وتقديم الدعم الاقتصادي الذي ساهم في تخفيف أثر العقوبات، وتماسك المؤسسات الحكومية، ورغم الحرب والتحديات الاقتصادية، حافظت الحكومة السورية على تماسك المؤسسات الأساسية، مثل الجيش والنظام الإداري، ورغم الانشقاقات التي حدثت في صفوف الجيش السوري، إلا أن الهيكل الأساسي بقي صامدا، مدعوما بالتسليح والخبرة التي قدمها الحلفاء لدمشق، واللعب على التناقضات الدولية، أين استفاد النظام السوري من التناقضات بين القوى الإقليمية والدولية، فقد أدى تصاعد نفوذ تنظيم “داعش” وجماعات متطرفة أخرى إلى تغيير أولويات بعض الدول الغربية، التي أصبحت تركز على مكافحة الإرهاب بدلا من الإطاحة بالنظام السوري، كما استغل النظام الخلافات بين تركيا والدول الغربية حول دور الأكراد في سوريا لتحقيق مكاسب على الأرض، فضلا عن الرهان على الزمن وتعب الخصوم، حيث أدرك النظام منذ البداية أن الصراعات طويلة الأمد تنهك الخصوم وتبدل أولوياتهم، وبالفعل، شهدت السنوات الأخيرة تراجعا ملحوظا في حدة المواقف الغربية، إذ باتت بعض الدول الأوروبية تدعو إلى تطبيع العلاقات مع دمشق، خاصة بعد موجات اللاجئين والتداعيات الأمنية التي أثرت على الداخل الأوروبي، أما بخصوص التحديات الاقتصادية والإنسانية، فيمكن القول أنه ورغم صمود النظام عسكريا وسياسيا، إلا أن التحديات الاقتصادية والإنسانية التي تواجه سوريا هائلة، فقد أدى الحصار الاقتصادي المفروض من الغرب إلى تفاقم الأوضاع المعيشية، حيث يعاني السوريون من نقص حاد في المواد الأساسية وارتفاع معدلات الفقر. كما أن البنية التحتية التي دمرتها الحرب تحتاج إلى إعادة إعمار تكلف مليارات الدولارات، في وقت لا يبدو فيه أن المجتمع الدولي مستعد لتقديم الدعم المالي، أما على الجانب الإنساني، تعيش سوريا واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم، فقد نزح ملايين الأشخاص داخل البلاد، بينما لجأ ملايين آخرون إلى دول الجوار وأوروبا، ورغم محاولات النظام تقديم نفسه كضامن للاستقرار، إلا أن غياب الحل السياسي الشامل واستمرار التوترات في بعض المناطق يعقدان الوضع الإنساني بشكل كبير، وتبقى مرحلة ما بعد الصمود، بكل تحدياتها، مرحلة مهمة في تقرير مصير مستقبل سوريا ككل.

فمع استعادة النظام السيطرة على معظم الأراضي السورية، يبقى السؤال المطروح هو، أي مستقبل لسوريا في ظل الواقع الحالي؟ حيث يبقى الأساس هو إعادة الإعمار، أين يعتبر ملف إعادة الإعمار أكبر تحد يواجه الحكومة السورية، فرغم الدعم الروسي والإيراني، إلا أن الموارد المتاحة لا تكفي لإعادة بناء البلاد، كما أن رفض الدول الغربية المشاركة في جهود الإعمار بدون حل سياسي شامل من وجهة نظرهم يعقد هذا الملف، بالإضافة إلى التوترات الإقليمية، حيث لا تزال بعض المناطق، مثل إدلب وشمال شرق سوريا، خارج سيطرة الحكومة، ويزيد الوجود العسكري التركي والأمريكي من تعقيد المشهد، مما يجعل استعادة هذه المناطق أمرا صعبا، مع كل تصعيد، دون توافقات إقليمية ودولية، فضلا كذلك عن ضرورة تحقيق الاستقرار الداخلي، فبعد سنوات من الحرب، تواجه سوريا تحديات اجتماعية وأمنية كبيرة، فالانقسامات الطائفية والجغرافية التي أفرزتها الأزمة تحتاج إلى جهود ضخمة لتجاوزها، وهو ما يتطلب إصلاحات سياسية حقيقية تعيد بناء الثقة بين مختلف مكونات الشعب السوري.

رغم أن الأزمة السورية أثبتت قدرة النظام على الصمود في وجه التحالفات الدولية والمحلية، إلا أن هذا الصمود جاء بثمن باهظ، فالبلاد تعاني من دمار هائل، وأزمة اقتصادية خانقة، وانقسام مجتمعي عميق، وفي غياب حل سياسي شامل يضمن مشاركة جميع الأطراف، فإن هذا الصمود قد يتحول إلى أزمة دائمة تعيق استقرار سوريا وتطورها لسنوات قادمة.

طالع أيضا

توقع إنتاج أكثر من 37 ألف قنطار من البقوليات

Africa News

أحزاب ومنظمات دولية تؤكد دعمها اللامشروط للشعب الصحراوي وقضيته العادلة

Africa News

الفريق أول شنقريحة: “تجربة الجزائر أثبتت أنه لا يوجد أي بلد في منأى عن التهديدات الإرهابية”

Africa News

اترك تعليق