ميكروسكوب
بقلم الدكتور : رضوان بوهيدل
في عالم تسوق له الولايات المتحدة الأمريكية كحارسٍ للعدالة الدولية “الحريات”، ومروج لحقوق الإنسان، تبرز مفارقات ساخرة تصلح لأن تكون نكتة “بايخة”، إن لم تكن مأساوية، ففي كل مرة يرتكب الكيان الصهيوني جرائم مروعة ضد الفلسطينيين، من أطفال وسيوخ ونساء،
نجد الإدارة الأمريكية تهب مدججة بشعارها التقليدي والخالد، “حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها”، وكأن القنابل التي تسقط على رؤوس الأطفال في غزة هي فعل دفاعي بحت، وليس إرهاب دولة منظم، ومدعوم من كبرى القوى، أما عندما يتعلق الأمر بسوريا، فالخطاب ينقلب رأسا على عقب، وهنا، تتغنى أمريكا بخطاب ضرورة “إنقاذ الشعب السوري”، لكن الغريب أدوات الإنقاذ تتخذ شكل صواريخ موجهة ومؤامرات على الأرض، مصحوبة بحصار اقتصادي يخنق الشعب السوري أكثر مما يساعده، وفجأة تصبح “المبادئ الإنسانية” ذريعة للتدخل العسكري وفرض العقوبات على الشعوب، بينما تنسى تماما عندما يتعلق الأمر بإدانة الجرائم التي ترتكب تحت مظلة “الشريك الاستراتيجي”، أما الأمر الأكثر سخرية، هو أن واشنطن تتحدث عن تحقيق العدالة والمسائلة في سوريا، بينما تصوت بشكل ممنهج ضد أي تحقيق دولي حول جرائم الكيان الصهيوني، يبدو أن العدالة التي تروج لها الولايات المتحدة لها زر تشغيل وإيقاف، بحسب هوية الجاني والمصلحة السياسية، وفي نهاية، يبدو أن ما يحرك السياسة الأمريكية ليس القيم أو المبادئ، بل المصالح التي تعلو فوق الجثث والدمار، فالحرية والديمقراطية ليست سوى شعارات بنيت عليها إمبراطورية النفاق الدولي، في عالم بات قانون الغاب، وللحديث بقية…