حركة الشباب الصومالية هي جماعة مسلحة تنتمي إلى الفكر الجهادي السلفي، وتعد من أبرز التنظيمات المتطرفة الناشطة في منطقة القرن الإفريقي، حيث نشأت هذه الحركة في عام 2006 كجناح عسكري لاتحاد المحاكم الإسلامية في الصومال، لكنها سرعان ما انفصلت عنه لتتبنى أجندة أكثر تشددا وأهدافا عابرة للحدود، ومنذ ذلك الحين، أصبحت لاعبا رئيسيا في النزاع الصومالي، مستغلة هشاشة الدولة، وانعدام الأمن، وغياب الحوكمة الفعالة لفرض سيطرتها على مناطق واسعة داخل البلاد، خاصة في الجنوب والوسط، وتسعى الحركة إلى إقامة “إمارة إسلامية” في الصومال تحكم وفق تفسيرها المتشدد للشريعة الإسلامية، وقد أعلنت في عام 2012 ولاءها لتنظيم “القاعدة”، مما عزز موقعها ضمن شبكة الجهاد العالمي، وساهم في استقطاب المقاتلين الأجانب والدعم اللوجستي من خارج الصومال، وتعرف حركة الشباب باستخدامها للعنف الشديد وشن هجمات دامية داخل الصومال وخارجه، بما في ذلك دول الجوار مثل كينيا وأوغندا، حيث نفذت عمليات إرهابية استهدفت المدنيين والمصالح الغربية والقوات الإفريقية المشاركة في بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال، ورغم الجهود العسكرية والدولية المتواصلة لتقويض نفوذها، لا تزال الحركة تشكل تهديدا أمنيا كبيرا. فهي تعتمد على مزيج من العمليات القتالية، والتجنيد الدعائي، وتحصيل الضرائب في المناطق التي تسيطر عليها، ما يمكنها من البقاء والصمود، كما تستفيد من البيئة القبلية المعقدة والانقسامات السياسية في الصومال لتعزيز وجودها، ومن ثم، فإن فهم حركة الشباب يتطلب تحليلا عميقا للجذور الاجتماعية والسياسية والاقتصادية التي تغذي التطرف، إضافة إلى دراسة الديناميات الإقليمية والدولية المرتبطة بها.
يعد الإرهاب في الصومال من أكثر القضايا الأمنية تعقيدا في القرن الإفريقي، حيث تمثل حركة الشباب المجاهدين التهديد الأكبر للاستقرار في البلاد، حيث تمكنت هذه الحركة من شن عمليات إرهابية واسعة النطاق، استهدفت الحكومة الصومالية، والقوات الإفريقية، والمدنيين، ورغم التدخلات الدولية، لا تزال الحركة تحتفظ بقدراتها القتالية، مما يثير تساؤلات حول مستقبلها وإمكانية القضاء عليها، كما يرجع صعود حركة الشباب إلى انهيار الدولة الصومالية في أوائل التسعينيات، عندما انهار نظام “سياد بري”، ودخلت البلاد في حالة من الفوضى، وفي ظل غياب حكومة مركزية قوية، برزت الحركة كجزء من المحاكم الإسلامية التي تمكنت لفترة من فرض سيطرتها على أجزاء واسعة من البلاد، قبل أن تتدخل إثيوبيا في سنة 2006 للإطاحة بها، مما أدى إلى تحول الشباب إلى العمل المسلح.
على مر السنوات، تبنت الحركة استراتيجية تقوم على تنفيذ هجمات إرهابية داخل الصومال وخارجه، مستخدمة تكتيكات مثل التفجيرات الانتحارية وعمليات الاغتيال والتجنيد القسري، في وقت تمكنت الحركة الإرهابية من تمويل نفسها عبر أنشطة غير مشروعة، من ضمنها التهريب وفرض الضرائب على المناطق الخاضعة لسيطرتها، وفي مواجهة هذا التهديد، قامت بعثة الاتحاد الإفريقي في الصومال المعروفة اختصارا باسم “أميصوم”، المدعومة من الأمم المتحدة، بعمليات عسكرية لطرد الشباب من المدن الكبرى، إلا أن الحركة ما زالت تسيطر على مناطق ريفية واسعة، تستخدمها كقواعد لانطلاق عملياتها. التدخل الأمريكي كان له أيضا دور بارز، حيث شنت القوات الأمريكية غارات جوية استهدفت قيادات الحركة، لكن ذلك لم يؤد إلى انهيارها بالكامل.
إن التدخلات الدولية في الصومال تثير جدلًا واسعًا حول فعاليتها وتأثيرها على الوضع الأمني. من جهة، ساهمت في تقليل مساحة نفوذ الشباب، لكنها لم تعالج الأسباب الجذرية لظهورها، مثل ضعف الحكومة المركزية، وغياب التنمية الاقتصادية، والنزاعات القبلية، ومن جهة أخرى، أدى القصف الجوي والعمليات العسكرية أحيانا إلى سقوط ضحايا مدنيين، مما عزز رواية “الشباب” التي تصور التدخل الأجنبي كاحتلال، وساعدها في استقطاب مزيد من المقاتلين.
مصير ومستقبل حركة الشباب الصومالية يعتمد على عدة عوامل رئيسية، أبرزها قدرة الحكومة الصومالية على بناء مؤسسات قوية قادرة على تقديم الخدمات للمواطنين، وكسب ثقتهم، كما أن تحسين الوضع الاقتصادي يمكن أن يقلل من تجنيد الشباب في صفوف الحركة، حيث تستغل الجماعة الفقر والبطالة لجذب العناصر الجديدة، أما إقليميا، تظل الصومال ساحة صراع بين القوى المختلفة، فبينما تسعى دول مثل كينيا وإثيوبيا للحفاظ على الاستقرار خشية امتداد التهديد الإرهابي إلى أراضيها، هناك أطراف أخرى قد تجد في استمرار الصراع وسيلة لتحقيق مصالحها، وكذلك، فإن الانقسامات الداخلية داخل الحركة نفسها قد تؤثر على قدرتها على البقاء، حيث شهدت السنوات الأخيرة صراعات بين الفصائل المختلفة داخلها.
رغم الضغوط العسكرية والاستخباراتية، لا تزال حركة الشباب تشكل خطرا قائما، مما يعني أن الحلول الأمنية وحدها لن تكون كافية، والمطلوب هو مقاربة شاملة تشمل جهود المصالحة الوطنية، والاستثمار في إعادة الإعمار، وتعزيز التعاون الإقليمي لمكافحة الإرهاب.
يمثل الإرهاب في الصومال تحديا مستمرا، لكن مستقبله سيعتمد على قدرة الصوماليين والمجتمع الدولي على معالجة جذور المشكلة، بدلا من الاكتفاء بالحلول العسكرية المؤقتة، إذا فشلت هذه الجهود، فإن البلاد ستظل عالقة في دوامة العنف، مما يعزز من استمرار تهديد حركة الشباب وتأثيرها على أمن المنطقة بأكملها.