أهلها يضحُّون بكل ما يملكون دفاعا عن المقدسات
بقلم : د . جمال عبد الناصر محمد عبد الله أبو نحل
رُبما لم تكن غزة أجمل مُدن العالم، ولكنها بشعبها الأبي البطل في نظر العَالم اليوم هي أعظم المُدن، وأيقونة المُدن، وأكثر مُدن العالم ذِكرًا في وسائل الإعلام، وبِمواقع التواصل الاجتماعي في هذا الزمان، وذكرها أصبح وأمسى مرفوعًا، وغالبية شعبُ غزة المكلومين المساكين الكرمُاء هُم من الفدائيين المناضلين المُجاهدين الصناديد الأشاوس المغاوير الأماجد المُرابطين الصابرين المحتسبين وربُما يكونوا من خيرة شعوب الأرض في هذا الزمان؛ “باستثناء مما سبق بعض الخونة من التجار الفجار، والعملاء، وأدعياء الدين، والوطنية تجار الحروب، والدماء من هؤلاء سدنة وأعوان الاحتلال الصهيوني المجرم”.
إن الغالبية العُظمى من أبناء الشعب الفلسطيني يدافعون عن المقدسات، وعن عقيدة، وشرف، وكرامة كل الأمة العربية والإسلامية، ويجودون بدمائهم الطاهرة الزكية في سبيل الله، وقد ارتقى منهم للعلياء في غزة مئات من العائلات بكاملِها شُطبت من السجل المدني!؛ ورغم كل المجازر والعدوان الوحشي الصهيوني، وحرب الإبادة ضد شعب غزة، فإن الشعب الفلسطيني سيبقى رأس الحربة في مقدمة الصراع المصيري الوجودي مع العدو الصهيوني العنصري النازي المجرم، وكل من يقف خلفهم من الغرب الصليبي المتصهين الكافر الفاجر. وإن أهل غزة الشهادة والشهداء التي قدمت زهاء مائتي ألف ما بين شهيد، وجريح، ومفقود تحت الأنقاض خلال عام ومئات الشهداء في الضفة الإباء، والشموخ، وفي مدينة القدس، والمسجد الأقصى المبارك، وفلسطين المحتلة عام النكبة، وكل الشرفاء من أبناء الشعب الفلسطيني يدافعون عن فلسطين، وعن المسجد الأقصى المبارك، وعن مدينة القدس زهرةُ المدائن.. وما زال الشعب الفلسطيني بغزة، وبعد مرور عام، وشهرين على العدوان الصهيوني الهمجي الوحشي على غزة صامدين شامخين فوق أرضنا الفلسطينية المقدسة، والتي تخضبت، وارتوى تُراب أرضها بسيول مدرارة، وبغزارة من الدماء الزكية الطاهرة، وارتقى للعلياء عند رب الأرضِ، والسماء ألوف مؤلفة من الشهداء الأبرار الكواكب، الأقمار؛ وقدمت غزة قناطير مقنطرة، وقوافل كبيرة من الجرحى الميامين، والأسرى البواسل، ودمر العدو الصهيوني الخنزيري في غزة أغلب المباني والمساجد، والمدارس، والشوارع، والمؤسسات، والوزارات، والجامعات، والأماكن الأثرية، وصارت منازل الشعب في غزة خيام نزحوا إليها، وبيوتهم أصبحت أثرًا بعد عين وأكوام من التراب والركام، وألاف من الشهداء لا يزالون تحت الركام!. ولا زالت الجراح من شعب غزة نازفة؛ والقلوب وجلةٌ شاردة، والأوضاع الإنسانية كارثية، والحرب جعلت كبير القوم بفلسطين، وصغيرهم في كربٍ كبيرة؛ وكأنها عادت الحروب الصليبية من جديد، ولكنها رجعت متسربله بثوبِ الصهيونية، وبرعاية، ودعم، وحماية أمريكية غربية أوروبية! ورغم كل الجراح الغائرة، والدماء النازفة، والمصاب الجلل؛ وخذلان أغلب الحكام المسلمين، والعرب، والصديق، والقريب والبعيد لفلسطين، وللشعب الفلسطيني؛ فيا وحدنا في هذه المعركة المصيرية مع العدو الصهيوني الأمريكي، وكل من يقف خلف العدو!؛ ورغم كل تلك المجازر، والويلات، والنكبات فإن فلسطين تستحق منا التضحية، وخاصة المسجد الأقصى المبارك يستحق منا هذا العناء، وتحمل الصعاب، والمصائب؛ والكفاح، والجهاد من أجلهِ، في سبيل الله وبذل الدماء والأرواح؛ فالمسجد الأقصى المبارك هو القبلة الأولى، للقبلتين، وهو ثاني مسجد وضع في الأرض، مباركٌ ما فيه وما حولهُ وهو معراج نبينا صلى الله عليه وسلم المسجد الأقصى المبارك؛ ووردت أحاديث نبوية كثيرة في حقه، نورد بعضًا منها: حينما سأل رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ عَن الصَّلاةِ في المسجد بَيتِ المقدِسِ أفضلُ أو في مسجِدِ رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ فَقالَ صلاةٌ في مسجِدي هذا، أفضلُ من أربعِ صلواتٍ فيهِ، ولنِعْمَ المصلَّى هوَ أرضُ المَحشرِ والمنشَرِ ، وليأتيَنَّ على النَّاسِ زمانٌ ولقَيْدُ سَوطِ أو قال: قوسِ الرَّجلِ حَيثُ يرى مِنهُ بيتَ المقدسِ ؛ خيرٌ لهُ أو أحبَّ إليه مِنَ الدُّنيا جميعًا”؛ ولذلك فإن القدس أو مدينة “إيلياء” حسب ما ورد في العهدة العمرية للخليفة العادل سيدنا الفاروق عمر بن الخطاب رضي الله عنه بأن فلسطين هي أرض الأنبياء والمرسلين، وموضع ظهور دعوتهم إلى التوحيد، وفي طور سيناء جنوب فلسطين كلم الله سيدنا موسى، وفي أرضها غفر الله لداود وسليمان. وفي فلسطين بشر الله سيدنا زكريا بيحيى؛ وفيها ولد سيدنا المسيح عيسى ابن مريم عليهما السلام، والذي ينزل آخر الزمان ويقتل الخنزير، ويكسر الصليب ويقتل الأعور الدجال عند بال لُدّ، واللُدِ مدينة في فلسطين المحتلة في عام النكبة، وفلسطين مباركة، ومقدسة منذ القدم؛ ومن الأنبياء الذين ولدوا أو عاشوا في فلسطين، ومن قبره موجود في فلسطين حتى الآن في مدينة الخليل وسمُيت مدينة “خليل الرحمان” نسبة لسيدنا سيدنا إبراهيم عليه السلام؛ ومن الأنبياء الذين ولدوا وعاشوا في فلسطين إسحاق عليه السلام، وسينا يعقوب عليه السلام، وسيدنا يوسف، وسيدنا لوط عليه السلام، وسيدنا زكريا عليه السلام، وسيدنا يحيى عليه السلام، والمسيح سيدنا عيسي عليه السلام وأمه مريم البتول رضي الله عنها، وأعرج إليها سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ليقف، ويصلى إمامًا بجميع الأنبياء، والمرسلين في المسجد الأقصى المبارك؛ ومدفون في فلسطين مئات الصحابة الكرام مثل أبو أيوب الأنصاري رضى الله عنه وهو أول من صلى إلى القبلتين، والصحابي الجليل عبادة بن الصامت وهو أول من تولى القضاء في فلسطين، وشداد بن أوس رضي الله عنه وقبره موجود بجوار سور المسجد الأقصى المبارك؛ وتُعد دولة فلسطين من أهم الدول الإسلاميّة والمقدسة على مر العصور، فهي تتمتع بمكانة عظيمة جداً أجمع عليها العالم، فمكانتها الدينيّة والثقافيّة، والسياحيّة، والتاريخيّة تفتقر إليها الكثير من الدول العربيّة الكبرى الأخرى، وهي ملتقى قارتي آسيا وإفريقيا، وتُشكّل الجزء الجنوبي الغربي من بلاد الشام، وتحدها سوريا ولبنان من الجهة الشماليّة، والأردن من الجهة الشرقيّة، ويحدها من الجهة الغربيّة البحر الأبيض المتوسط، أما من الجهة الجنوبيّة فتحدها دولة مصر؛ تاريخ فلسطين تتمتع فلسطين بمكانة عظيمة ومرموقة، كونها تعتبر ملتقى الحضارات القديمة التي تعاقبت عليها، حيث توجد فيها أقدم مدينة مأهولة على الأرض، وهي مدينة أريحا، كما أنها من أخفض نقاط العالم، وشهدت ولادة إحدى عشرة حضارة من حضارات العالم القديمة، إضافةً إلى وجود العديد من الكتابات التاريخيّة والمعالم الأثريّة التي تُبين وجود تلك الحضارات. الآثار الدينيّة والتاريخيّة في فلسطين المسجد الأقصى: ويعتبر من أقدم المساجد الموجودة خارج مكة المكرمة، وهو ثالث مسجد خصّه الله بفضلٍ يختلف عن باقي المساجد الأخرى، وفيه قبة الصخرة التي عرج عنها رسول الله – صلى الله عليه وسلم- في رحلة الإسراء والمعراج، وتبلغ مساحته حوالي 400م2م؛ ويوجد المسجد الإبراهيمي الشريف: ويعدّ هذا المسجد ذا قدسيّة خاصة بعد المسجد الأقصى فقد ذكر بعض الرواة أن جثمان النبي إبراهيم عليه الصلاة والسلام موجود في هذا المسجد، وكذلك توجد كنيسة المهد: وتعتبر من أكثر كنائس العالم قدسيّةً عند المسيحيين؛ فقد ولد فيها النبي عيسى عليه الصلاة والسلام، وتقع في مدينة بيت لحم. وفي فلسطين كنيسة القيامة: وتعد كنيسة القيامة من أهم المقدسات المسيحيّة، وأشرفت على بنائها الملكة هيلانة والدة الإمبراطور قسطنطين وكان ذلك في عام 325م. كنيسة البشارة: وتقع هذه الكنيسة في مدينة الناصرة، وتم بناؤها في العهد البيزنطي عام 427م، وسُميت بهذا الاسم لأن سيدنا جبريل بشر السيدة مريم بمولد النبي عيسى عليه الصلاة والسلام. مسجد غزة هاشم: ويقع في مدينة غزة، وتم بناؤه من قِبل المماليك، ثمّ أعاد ترميمه السلطان عبد الحميد عام 1850م؛ ويوجد في فلسطين قصر هشام: ويقع على بعد خمسة كيلومترات شمال مدينة أريحا، حيث شيده الخليفة الأموي هشام بن عبد الملك، ويعتبر من أعظم القصور الإسلاميّة التي شيدها الأمويون؛ وهذا نقطة في بحر فلسطين التاريخية الأرض المقدسة والمباركة من خلال نص بعض الآيات الواردة في القرآن الكريم، وختامًا نحن لا نستسلم ننتصر، أو نموت، إنها إحدى الحُسنيين النصر أو الشهادة؛ وكل المؤامرات سوف تتكسر على صخرة صمود الشعب الفلسطيني البطل المجاهد العظيم، وإننا على يقين بأن بعد كل تلك المجازر الوحشية الصهيونية بأن الليل سوف ينجلي والاحتلال إلى زوال قريب بكل تأكيد.