ونحن نقف اليوم على ذكرى عظيمة عظمة صاحبها الذي قهر جلادي الاستعمار الفرنسي وعلى رأسهم الجنرال بيجار، وهي الذكرى 66 لاستشهاد البطل العربي بن مهيدي بتاريخ 6 مارس 1957، الذي قال رحمه الله “إذا ما استشهدنا دافعوا عن أرواحنا، نحن خُلقنا من أجل أن نموت لكي تستخلفنا أجيال لاستكمال المسيرة”
يتواصل التهريج من طرف بعض العملاء والخونة، الذين يريدون تغيير الواقع والتاريخ وطمس الحقائق وتشويه أمجاد الثورة التحريرية، بنشر الدعايات الهدامة والدسائس والأكاذيب، بخزعبلات يائسة شاذة المراد منها ضرب الوحدة الوطنية، وجعل الخونة في مرتبة الشهداء، ولكن هيهات هيهات، فقد أنجلى الغبار وتبين الركب ومن فيه. لقد سقط القناع وبانت كل العورات، لذلك فلا طائل من التمادي في التهريج، فقد بترت كل الجذور الطفيلية، ولم يعد هناك خوف على الجزائر التي سقيت أرضها بدماء طاهرة، وأصبح صوتها عاليا لا يؤثر فيه ضجيج المرتزقة ومن يدعمهم، فالثبات على مبادئ الشهداء حصّنَها وأعطاها دعما ورهبة وثباتا، وأي ثبات أكبر من تبني القضايا العادلة في العالم والدفاع عن الشعوب المناهضة للاستعمار، ودعم القضية الفلسطينية والصحراوية، والوقوف بشموخ من أجل استتباب الأمن والسلام الدوليين، والوقوف في وجهة الكيان الصهيوني نهارا جهارا ومنعه من التموقع وتجريده من صفة مراقب داخل الإتحاد الإفريقي، فهذا عمل جبار أخرجته ووقعته الدبلوماسية الجزائرية، الذي لها تاريخ طويل اثناء الثورة التحريرية وبعد الاستقلال.
إن العملاء الفارين إلي دول أجنبية وما أكثرهم، فقد باتوا لا يستحون من التهريج وكلامهم النابي الذي تشمئز منه الخلائق, أصبحوا كالغربان الناعقة يزرعون السموم ويحاولون إدخال الشكوك في أوساط الشعب الجزائري، بنشرهم الأكاذيب وتزوير الحقائق وتلفيقها والطعن في مسار الجزائر السياسي والدبلوماسي، وهذا والله يسيء إليهم في المقام الأول, فقد تم استغلال أحدهم من طرف صحيفة مغربية للمساس بأمن الجزائر ورجالها، أذكر أنه سنة 2021 عندما تم القبض على أحد الخونة الفارين إلى الخارج بعد أن ورط من طرف أحد العملاء، وتسليمه للسلطات الجزائرية مقيدا، تم تشبيهه بالعربي بن مهيدي من طرف بعض هؤلاء الخونة الذين يعيشون في أوروبا على فُتَات الذل، حقيقة العملاء لا يستحون!
نقول لمثل هؤلاء العملاء الذين يريدون المساس برموزالدولة الجزائرية وحرمة الشهداء وتاريخ القادة الأبطال والمجاهدين الأخيار، حاشا لله أن يتساوى الشريف واللص، والشهيد بالخائن، والمقبل بالمدبر والشامخ بالمنبطح. قال الشهيد العربي بن مهيدي رحمه الله “إذا ما استشهدنا دافعوا عن أرواحنا، نحن خُلقنا من أجل أن نموت لكي تستخلفنا أجيال لاستكمال المسيرة”، فتاريخ الشهيد العربي بن مهيدي معروف لا غبار عليه، اعترف به العدو قبل الصديق, فقد قال عنه السفاح الفرنسي الجنرال مارسيل بيجار بعد أن رفع له التحية العسكرية “لو كان لي ثلة من أمثال العربي بن مهيدي لغزوت العالم” بعد أن عجز عن استنطاقه بكل أساليب التعذيب، وقال أيضا “ألقوا بالثورة إلى الشارع سيحتضنها الشعب”.
فعذرا بن مهيدي، فإن العملاء لا يستحون، فمقامك محفوظ عند الله قبل العباد، فقد قال تعالى في سورة آل عمران( وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (169)، فعلى الجميع أحزاب سياسية ومنظمة المجاهدين وأبناء الشهداء وأبناء المجاهدين والمجتمع المدني والجمعيات وكل الأحرار والمخلصين، أن يقفوا وقفة رجل واحد للتنديد بمثل هذه التصرفات الشاذة التي تسيء لمقام رموز الدولة الجزائرية وإبطال ثورتنا التحريرية العظيمة، حتى لا يتمادوا، فالسكوت عن مثل هؤلاء الخونة جريمة في حق التاريخ والثورة.
إن منظمة الماك الإرهابية خطيرة وقد تجذرت وأصبح لها أتباع في كل مكان، سواء في الداخل أو الخارج وهذا قبل 2002 بكثير، بعد أن استقوت خرجت للعلن سنة 2007، وقد وجدت أرضية خصبة في فرنسا و منها أعطيت لها جرعة الحياة السياسية لتتقوى وتبدأ في الانتشار والتغلغل في المجتمع، زيادة على الدعم المادي والمعنوي الذي وجدته عند العدو الصهيوني ومن يدور في فلكه وأصبح لها أنصار في كل مكان وخلايا نائمة وأخرى تعمل في السر، كما أن راية الماك أصبح انتشارها الكبير يثير قلقا شديدا ويشكل خطرا على كيان الدولة ووحدتها، وبناء عليه يجب عدم الاستهانة بها والتصدي لها بكل الوسائل.
معركة الوعي أصبحت أكثر من ضرورية، فهناك تبني سياسي غربي بنكهة استخباراتية يدعم مثل هذه الظواهر الشاذة، التي تحاول المساس بتاريخنا ووحدتنا وسيادتنا، كما أن هذا الوعاء السياسي لا يختلف عليه اثنان، فليس محتكرا على الجزائر فقط، فهو معروف في جميع دول العالم، فقد عرفت نتائجه أثناء سقوط العراق. إن الوعي يخدم الأمة ويفسد مخططات العملاء، فسياسة الأرض المحروقة وضرب أبناء البلد الواحد ببعضهم البعض والتلاعب بعقولهم بإيديولوجيات مسمومة مشروع قديم جديد، ورغم نجاحه في بعض الدول السائرة نحو النمو وفشله في دول أخرى، إلا أنه يبقى المشروع المفضل لديهم الذي يبقى ساري المفعول.
بلخيري محمد الناصر