ميكروسكوب
بقلم الدكتور : رضوان بوهيدل
في مسرح العبث السياسي العربي، وقف بعض القادة العرب وشعوبهم يصفقون بحرارة شديدة، بعد بداية سقوط نظام الأسد، كما يبدو لهم، وكأنهم حضروا حفلة ختامية لمسرحية لم يشاهدوها من الأساس، فالأصوات تعلو بالتهليل، بأن سوريا قد تحررت، بينما الخرائط الحقيقية أمام الجميع ما زالت تظهر وطنا ممزقا بين مختلف الفصائل المتناحرة، والقواعد الأجنبية، والأزمات التي لا نهاية لها.
هذا الأمر أشبه بسباق ماراطوني، حيث يعلن المتفرجون فوز العداء الذي ما زال يبحث عن حذائه أثناء السباق، فالقادة العرب أنفسهم، الذين تباكوا يوما على وحدة الصف العربي، هم من قضوا سنوات في تمزيق هذا الصف، والآن يحتفلون بسقوط نظام ساهموا في تغذيته، ولو باللامبالاة، والآن الخطابات تفيض بالمشاعر الوطنية والدعوات لإعادة الإعمار، لكن خلف الكواليس، لا تزال الحسابات تدور حول الحصص والأرباح، وأين ستذهب الشركات، ومن سيستحوذ على ما تبقى من الكعكة السورية، ومن سيحكم سوريا بعد الأسد!؟ السخرية الحقيقية فيما يحدث اليوم، ليست في الاحتفال بسقوط النظام، بل في الاعتقاد بأن هذا السقوط نهاية الحكاية والقصة، وفي الحقيقة، ما زالت سوريا مسرحا مفتوحا، والجمهور العربي عليه أن يتحمل عرضا جديدا من الفوضى التراجيدية، بينما يواصل المصفقون العيش في وهم “الإنجاز التاريخي”، في وقت ربما كان الأجدر أن يسقط النظام العربي بأكمله في امتحان الصدق قبل أن يفرح بسقوط أي نظام آخر، وللحديث بقية..