ميكروسكوب
بقلم الدكتور : رضوان بوهيدل
في مشهد يليق بروايات وأفلام الجاسوسية والأكشن، أكثر من السياسة الدولية، استيقظ العالم على خبر هروب الرئيس بشار الأسد من سوريا، وظهور المعارضة المسلحة وهي ترفع الأعلام في قلب العاصمة دمشق، مهللة بالنصر على من حكم البلاد لعقود مع عائلته، لكن الغريب أن ردود الفعل الدولية جاءت كخليط مضحك من الدهشة والارتباك والتظاهر بالفهم في كل شيء، فواشنطن، التي قضت عقودا من الزمن في عقد المؤتمرات وإصدار التصريحات، أعلنت “دعمها الثابت للشعب السوري” وكأنها لم تكن تائهة طوال الأزمة، وفي المقابل، الكرملين،
الذي خسر فجأة إحدى أبرز قواعده في الشرق الأوسط، وصف ما حدث بأنه “إعادة تموضع استراتيجي”، بينما كان بوتين يقلب خرائطه بحثا عن خطة بديلة، ومحاولة بحث عن حليف جديد يعوض الأسد الذي تستضيفه وتحميه موسكو، في مرحلة ما بعد الهرب. الاتحاد الأوروبي، كعادته، أصدر بيانا مطولا مليئا بالكلمات الجميلة مثل “السلام”، “الديمقراطية”، و”الكرامة”، لكنه انتهى بدعوة لاجتماع طارئ، لمعرفة ماذا حدث بالضبط، أما إيران، فقد اكتفت بالصمت، بينما كانت طهران تبحث عن الأسد في مطاراتها. أما بالنسبة للأسد في حد ذاته، فربما الآن يجلس في مكان مجهول، يتابع الأخبار على شاشته الصغيرة، متسائلا كيف انتهى به الأمر كهارب من قصص السياسة، وربما هو يضحك الآن على ما يحدث في سوريا. دمشق الجديدة ما بعد الأسد بدأت فصلا جديدا من تاريخها، لكن العالم لا يزال يحاول استيعاب الكوميديا السوداء التي عاشها لعقد كامل مع هذا الملف، والذي انتهى بهروب بشار، نحو وجهة معلومة جدا، وللحديث بقية…