أبرزت جمعية “أطاك المغرب” الهجوم المتعدد الأبعاد الذي تشنه الدولة المخزنية على الطبقة العاملة وعموم الأجراء وصغار المنتجين، وكل من هم في أسفل السلم الاجتماعي “من خلال تعميق السياسات الليبرالية لخدمة الرأسمال المحلي والأجنبي” بالتزامن مع التهاب أسعار المواد الغذائية ذات الاستهلاك الواسع وخوصصة الخدمات العمومية كالصحة والتعليم، لافتة إلى أن سياسة الدولة المخزنية في المجال الفلاحي أدت إلى “فقدان المغرب لسيادته الغذائية”.
ويتجلى ذلك – تضيف الجمعية في بيان لها – “في الإعداد الواسع للبنية التحتية بالاعتماد على الميزانية العمومية من خلال الديون التي يؤدي ثمنها أجيال اليوم و الغد، و تقديم التسهيلات – بما في ذلك الإعفاء الضريبي لكبار المستثمرين – الاستحواذ على الأراضي ومنابع المياه، السماح بمرونة كبيرة في علاقات الشغل بما يخدم الرأسمال واستعباد مأجوريه، التراجع عن دعم المواد الاستهلاكية”.
كما أكدت ذات الجمعية، أن “سياسة الدولة في المجال الفلاحي أدت إلى فقدان المغرب لسيادته الغذائية، حيث يستورد معظم الحاجيات الغذائية الاستهلاكية وفي المقابل يتم تصدير معظم منتجات المزارع العصرية و المجهزة من الميزانية العمومية إلى الخارج”.
وأبرزت في السياق، “الأوضاع المزرية للفلاحين بهذه المزارع والأجور المتدنية للعمال”، مستدلة بالاحتجاجات الواسعة للمزارعين بمنطقة سوس خلال شهر ديسمبر الماضي، من أجل المطالبة برفع الأجور ووقف كل الانتهاكات التي تتعرض لها حقوقهم من طرف كبار الفلاحين والمصدرين.
وأضافت ذات الجمعية: “أن تلك السياسات انعكست على حياة العمال الأجراء وعموم المواطنين من خلال الغلاء المعمم لمواد الاستهلاك وخوصصة الخدمات العمومية كالصحة والتعليم، لتتحول حياتهم إلى الأسوأ، مما يندر بـ”توسع دائرة الاحتجاجات الشعبية والعمالية”.
وأشارت في السياق إلى أنه، ومن أجل تكبيل العمال، تقوم الدولة المخزنية، بـ”تكبيل الإضراب ومنعه عبر قانونها التنظيمي للإضراب حتى تنزع من المأجورين سلاحهم للدفاع عن أنفسهم وتمنعهم من استعماله في هجماتها اللاحقة وعلى رأسها ما تسميه بإصلاح صناديق التقاعد”.
وفي سياق ذي صلة، وبخصوص أزمة المياه في المغرب، أكد تقرير للمركز الإفريقي للدراسات الاستراتيجية و الرقمنة، أن السياسات الفلاحية في هذا البلد “تهمش الزراعات التي تساهم في تحقيق الأمن الغذائي، مثل الحبوب، لصالح زراعات مربحة ومستنزفة للماء”، مؤكدا “ضرورة اعتماد سياسة ري جديدة تعود إلى الأولويات والمبادئ الأساسية، وتركز على تحسين الأمن الغذائي والمائي للمواطن المغربي”.
وأشار التقرير إلى “غياب أي عدالة مائية في ظل سياق الجفاف الهيكلي الحالي، مما يعكس توجها غير متوازن في إدارة هذه الموارد الحيوية”، مضيفا أن “السياسات المطبقة تزيد من تفاقم مشكلة ندرة المياه التي تؤثر بشكل أكبر على الفئات الضعيفة”.
وأبرز ذات المصدر أنه “في الوقت الذي تركز فيه الدولة المغربية على استثمارات زراعية كثيفة المياه، مثل زراعة الأفوكادو والفواكه الحمراء، والتي تستهلك كميات ضخمة من المياه تفوق 10 آلاف متر مكعب للهكتار سنويا، فإن المشاريع الزراعية الأقل تكلفة واستهلاكا للمياه، مثل زراعة الحبوب، تفتقر إلى الدعم أو الأولوية”.