ميكروسكوب…
بقلم الدكتور رضوان بوهيدل
دائما ما تترقب الدول ما يحدث أثناء الانقلابات بحذر شديد، فالحكمة الدبلوماسية ترى بأنه يجب انتظار نتائج أي انقلاب، سواء نجح أو تم احباطه وفشل في النهاية، حتى تتمكن أي دولة من اصدار بياناتها، أو قد تحجبها تماما، على الأقل تفاديا للإحراج مع الانقلابين، خاصة إذا ما تمكنوا من الوصول للحكم، ورأت الدولة أنه من الضروري التعامل معهم، بل واحتوائهم لصفها.
معظم الدول في مثل هذه الحالات تمسك العصا من الوسط، تترقب، تتابع وتنتظر النهاية، وأي بيان صادر قبل نهاية “مسلسل” الانقلاب، واكتشاف لمن مالت له الكفة، فهو بيان خارج الإطار، وقد يكلف خسائر أكثر من تحقيق مكاسب.
الانقلابات العسكرية عموما مبغوضة دوليا، لكن المصلحة تفرض منطقا آخر في الكثير من الأحيان، فقد يكون البيان الأول يتحدث عن “متابعة ما يحدث بقلق”، وقد يحمل البيان الثاني النصح والنصيحة لضبط الأعصاب، كما قد يكون البيان الثالث مستنكرا بشدة، قبل أن يصدر بيانا رابعا يدعو الانقلابين إلى ضرورة عدم المساس بالحريات وحقوق الانسان في ذلك البلد، أما البيان الخامس فسيلين مع الوقت ليدعو المتمردين إلى ضرورة الحوار والحفاظ على مصالح الأجانب في دولتهم، قبل أن يصدر البيان السادس يدعو بكل حكمة إلى وجوب نقل السلطة ديمقراطيا للأطراف المدنية في أقرب الآجال، والأكيد ان البيان السابق سيعترف بالانقلابين و يدعوهم لحضور مؤتمرات و لقاءات و ندوات و قمم، قبل بداية تبادل الزيارات بين الأطراف، وكأن شيء لم يكن.