ارتفاع كبير في قيمة الإنتاج الوطني من الحبوب
أولت السلطات الجزائرية للزراعة الصحراوية، أهمية بالغة، وجعلتها ركيزة أساسية للتنمية ببعدها الاجتماعي والاقتصادي والبيئي، ورهانا لا مناص من كسبه بغية تحقيق الإكتفاء الذاتي في المحاصيل الاستراتيجية والمنتجات الفلاحية الأخرى واسعة الاستهلاك.
بدأت معالم الثورة الزراعية الجديدة في الجزائر تتجلى بالميدان، بعد تسجيل ارتفاع كبير في قيمة الإنتاج الوطني من الحبوب بموسم الحصاد الزراعي الحالي، حيث ازداد الاهتمام بهذا القطاع في ظل حصول متغيرات دولية أضعفت النمو الاقتصادي العالمي، ودفعت بإتخاذ تدابير داخلية لتوفير الأمن الغذائي القومي بعيدا عن التهديدات الخارجية.
وقبل أيام، أكد مجلس الوزراء الذي ترأسه رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، أن الإنتاج الوفير من القمح الصلب تُوّج بتوفير 1.2 مليار دولار لفائدة خزينة الدولة هذا الموسم، بعد ضخ حزمة من الإصلاحات القطاعية، والإجراءات العملية على أرض الوقع، لاسيما في نطاق الفلاحة الصحراوية بجنوب البلاد.
وأشار رئيس الجمهورية، أثناء الإجتماع ذاته، إلى أن الاكتفاء الذاتي التام أصبح قريب المنال بإنتاج حوالي 80 % من القمح الصلب، موجها بضرورة إشراك الفلاحين في التوعية والتحسيس لتحسين مردودية الهكتار الذي يجب ألا يقل في الجنوب عن 55 قنطارا في الهكتار الواحد، نظير ما تتمتع به تلك المناطق من إمكانيات عملاقة خاصة في جانب توفر الماء والكهرباء.
وفي هذا الخصوص، قال خبير السياسات الإقتصادية، الدكتور سلامة جلول، أن الزراعة الصناعية تحتاج إلى مساحات واسعة، ووفرة في المياه على طول السنة، وهو ما تحتوي عليه ولايات الجنوب الكبير.
وأوضح جلول لـ”أفريكا نيوز”، أن تلك الظروف أصبحت غير متاحة في الشمال الجزائري بسبب العجز الكبير في مياه الامطار وموجات الجفاف، وتراوح أغلب القطع المستصلحة بين 10 و20 هكتار على أكثر تقدير، كما أن الري الصناعي قليل جدا مقارنة مع الحاجيات.
ووفقا للمصدر، فإن المستقبل الفلاحي في الشمال صار متعلقا أكثر بمشاريع التشجير مثل أشجار الحمضيات والفواكه وحتى الخضروات، بينما جنوبنا الكبير يمكن تخصيصه للزراعات الإستراتيجية الكثيفة الميكانيكية، مع ضرورة توفير عامل الرش المحوري والمياه الجوفية الألبية لإنجاح العمليات.
إلى ذلك، نفذت الجزائر في المرحلة الأخيرة خطّة زراعية للارتقاء بالإنتاج الفلاحي محليا، كان منها تخصيص رواق أخضر للمستثمرين والمتعاملين الإقتصاديين في الجنوب من أجل الحصول على العقار الفلاحي والتسهيلات الأخرى المتصلة بالطاقة الكهربائية وحفر الآبار، بغرض استحداث أقطاب كبرى مدمجة خاصة بالشعب الإستراتيجية على غرار القمح والشعير، البقول الجافة، إنتاج الزيوت، مسحوق الحليب، اللحوم الحمراء والبيضاء، القطن الموجه للصناعات النسيجية، والسكر وغيرها من المنتجات واسعة الإستهلاك.
وكما هو معلوم، فقد انطلق في الجزائر موسم حصاد القمح بنوعيه اللّين والصّلب في شمال البلاد وجنوبها، وسط توقعات بتحقيق إنتاج عالٍ جدًا سيسمح بتقليص استيراد هذه النوع من المنتجات بالعملة الصعبة، وتلافي مشكل اضطراب البورصة العالمية الخاصة بتلك المحاصيل.