همسات بقلم : صالح قليل
ولا ينفرج الأمر إلا إذا ضاق، وبوادر انفراج الأزمة الخانقة التي عرفتها العلاقات الجزائرية الفرنسية، والتي بلغت حد التعقيد والقطيعة الدبلوماسية، نتيجة الضغط الكبير الذي مارسته ماري لوبان زعيمة حزب اليمين المتطرف الحاقد على كل ما هو جزائري، بترحيل الأجانب وإعادة النظر في اتفاقية 68 التي تعطي امتيازات للمهاجرين الجزائريين، والقضايا السياسية المطروحة على رفوف مجلس الأمن والأمم المتحدة، حال قضية الصحراء الغربية التي استعمرها نظام المخزن وتطالب الجزائر باستقلالها، بالإضافة إلى قضايا متعلقة بالتعاون بين البلدين والذي بني على أسس تعطي الأفضلية لفرنسا.
والانفراج جاء بزيارة جان نوال بارو وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي للجزائر لإعادة تفعيل كافة آليات التعاون مع الجزائر، وعقب استقباله من طرف رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون قال بارو: “جئت إلى الجزائر لأنقل رسالة من رئيس الجمهورية مفادها أنّ فرنسا تتطلع إلى طيّ صفحة التوترات الراهنة، لإعادة بناء شراكة متكافئة مع الجزائر تتميز بالهدوء والسكينة”. وأشار إلى أنّ فرنسا “ترغب في استعادة كافة سبل التعاون مع الجزائر، بما يخدم مصلحتنا المشتركة، من أجل تحقيق نتائج ملموسة لفائدة مواطنينا”.
وأوضح: «لقد شهدنا في الأشهر الأخيرة فترة من التوتر غير المسبوق وهو ما لا يخدم مصالح الجزائريين ولا مصالح الفرنسيين. بالتأكيد لدينا اختلافات ولا يمكننا تجاهلها لكن الروابط الإنسانية والتاريخية والثقافية التي تجمعنا، وأنا أفكّر بشكل خاص في العديد من العائلات الفرنسية الجزائرية التي تتقاسم حياتها على جانبي البحر الأبيض المتوسط، يجب أن يقودنا ذلك إلى استئناف الحوار وإعادة بناء التعاون بين بلدينا”، مضيفاً أنّ “علاقاتنا المؤسساتية يجب أن ترقى إلى أهمية العلاقات الإنسانية بين بلدينا”.
وستكون لوزير العدل الفرصة لتفصيل ذلك لاحقاً، لاسيما الدعوة الموجهة من المصالح المكلفة بمكتب المدعي العام المالي الوطني إلى نظرائها الجزائريين من الجهات القضائية المختصة للتوجه إلى باريس لدراسة جميع الملفات”. وأضاف: “اتفقنا كذلك على العمل على محتوى الاتفاقيات التي تنظم علاقاتنا في مجال التنقل والهجرة، وتحديد التعديلات اللازمة لجعلها أكثر فعالية”. وبخصوص المجال الاقتصادي، قال بارو :”أتيحت لنا الفرصة للتذكير بالصعوبات التي ظهرت في الأشهر الأخيرة فيما يخص تطوير مبادلاتنا، لا سيما في قطاع الصناعات الغذائية، وصناعة السيارات، والنقل البحري، والعمل على تقدم المشاريع الصناعية المهيكلة وأكد لي استعداده لإعطاء دفع جديد لهذه المبادلات، حيث سيلتقي رئيس حركة المؤسسات المهنية في فرنسا مع نظيره رئيس مجلس التجديد الاقتصادي الجزائري في التاسع عشر ماي المقبل، كما اتفقنا على عقد اجتماع قبل الصيف المقبل للجنة المختلطة الاقتصادية الجزائرية الفرنسية سيسمح بتناول كل هذه المسائل”. بخصوص ملف الذاكرة، أكد وزير الخارجية الفرنسي أنه “تم استئناف الاتصالات بين المؤرخين الفرنسيين والجزائريين ضمن اللجنة المشتركة”.