ميكروسكوب
بقلم الدكتور : رضوان بوهيدل
بعد سنوات من الصراع، يبدو أن حلم الوحدة الوطنية في سوريا قد يستبدل بـ”حلم” من نوع آخر خاص جدا، وهو تقسيم البلاد إلى دويلات صغيرة تناسب مقاسات الأطراف الإقليمية والدولية الفاعلة داخليا، وخارجيا، فيمكن اليوم أن نتخيل دولة “الشام الكبرى” في دمشق، حيث يجتمع الجميع حول طاولة المفاوضات للاتفاق على نوع الشاي المفضل، بينما تطلق دولة “الكردستان السعيدة” شعارها الجديد، “النفط لنا والحدود عليكم”، أما مدينة إدلب التاريخية، فقد تتحول إلى إمارة “الكببجية” الحرة،
حيث يتولى أمرها زعيم يعلن كل يوم استقلالا جديدا، بمباركة الجار التركي، الذي سيتولى دور الوصي العثماني لضمان الأمن، أو بالأحرى لضمان استمرار تدفق اللاجئين بعيدا عن حدوده، أما في الجنوب، قد نرى دولة “الدروز الأبية” تقام بين أحضان جبل العرب، بشعارها الرسمي، وهو “لا نحتاج أحدا، إلا إذا كان لدينا انتخابات”، بينما في الشرق، ولأن النفط هو سيد اللعبة، قد يتم تأسيس “إمارة الحقول المتحدة”، حيث تدار الأمور مباشرة من مقرات شركات الطاقة العالمية، وفيما يتشاجر الجميع على خرائط الدويلات، تبقى الحقيقة الوحيدة أن سوريا، التي كانت ذات يوم قلب العروبة النابض، قد تتحول إلى رقعة شطرنج يلعب بها الجميع، إلا السوريين أنفسهم… وللحديث بقية…