النكبة الفلسطينية عام 1948 ونكبة الإبادة بعد السابع من أكتوبر 2023: جرحٌ لا يندمل

في عام 1948، حلّت النكبة الأولى بالشعب الفلسطيني، يوم تم اقتلاعه من أرضه، وتهجيره قسرًا من مدنه وقراه التي سكنها لقرون.

كانت النكبة مأساة إنسانية كبرى، حين هجّرت العصابات الصهيونية أكثر من 750 ألف فلسطيني، ودُمرت مئات القرى، وتحولت المفاتيح التي حملها اللاجئون في أعناقهم إلى رموز للأمل والعودة. لم تكن مجرد خسارة أرض، بل تمزقًا في النسيج الوطني والإنساني والاجتماعي لشعب بأكمله. مرت العقود، وظلت النكبة جرحًا مفتوحًا في ذاكرة الفلسطينيين، تنتقل من جيل إلى جيل، تثقل القلوب، وتغذي روح المقاومة.  وفي 7 أكتوبر 2023، حلت نكبة جديدة على الشعب الفلسطيني، ولكنها هذه المرة كانت في قطاع غزة، المحاصر منذ أكثر من 17 عامًا. اندلعت حرب غير مسبوقة، تخللتها مجازر مروعة ارتكبتها قوات الاحتلال، وأدت إلى استشهاد عشرات الآلاف من المدنيين، بينهم أطفال ونساء، وتدمير شامل للمنازل والبنية التحتية. كانت نكبة أكتوبر استمرارًا لسلسلة طويلة من المعاناة، لكنها تجاوزت حدود الوصف، حيث شهد العالم دمارًا ممنهجًا وخرقًا فاضحًا لكل القوانين الإنسانية. نكبة 2023 لم تمحُ ذاكرة 1948، بل أحيتها بوجعٍ مضاعف، فأبناء اللاجئين الذين طُردوا في النكبة الأولى، وجدوا أنفسهم يُبادون في المخيمات التي لجأ إليها آباؤهم. وكأن التاريخ يعيد نفسه، ولكن بدماءٍ أكثر وجعًا، وبصمتٍ دولي أشدّ قسوة.

• بقلم : شريف الصباغ – ناشط حقوقي