Africa news – أفريكا نيوز
آخر الاخبار مساهمات

الصراعات الطائفية في سوريا والشرق الأوسط ، والتداعيات ما بعد الأسد

  • بقلم الدكتور : رضوان بوهيدل

منذ اندلاع الأزمة السورية عام 2011، أصبحت سوريا مركزا للصراعات الإقليمية والدولية، حيث شكل نظام بشار الأسد نقطة تقاطع بين المصالح المتضاربة للقوى الكبرى والإقليمية. لذلك، فإن سقوط النظام السوري سيترك أثرا عميقا على توازنات القوى في الشرق الأوسط، وسيحدث تحولات واسعة في المشهد السياسي والجيوسياسي بالمنطقة، فمن المتوقع أن يشهد لبنان تحولا جذريا إذا فقد النظام السوري السلطة، لأن سوريا تمثل شريان حياة لحزب الله اللبناني، حيث يعتمد الحزب على دمشق كنقطة عبور للأسلحة الإيرانية، وبالتالي فإن انهيار النظام سيضعف قدرته اللوجستية والعسكرية، كما قد يؤدي ذلك إلى تعزيز الانقسامات الداخلية في لبنان بين القوى المؤيدة لحزب الله، من جهة، وتلك المعارضة له، مما يعرّض لبنان لمزيد من الهشاشة السياسية، وربما يصل الأمر إلى التصعيد في الصراعات الطائفية، كما أن سوريا هي حليف محوري لإيران ضمن مشروعها الإقليمي المعروف بـ”محور المقاومة”، وسقوط الأسد يعني خسارة طهران لقناة جيوسياسية تصلها بحزب الله في لبنان، وتمكنها من توسيع نفوذها في منطقة الشام ككل، كما سيؤدي إلى تراجع قدرتها على مواجهة خصومها الإقليميين، خاصة الكيان الصهيوني وحتى المملكة العربية السعودية، وفي ظل هذا السيناريو، قد تضطر إيران إلى إعادة ترتيب أولوياتها الإقليمية، والتركيز على الدفاع عن نفوذها في العراق واليمن بدلا من سوريا، أما بخصوص تركيا، والتي طالما دعمت المعارضة السورية، ستعتبر سقوط النظام السوري انتصارا استراتيجيا، حيث سيفتح المجال لتشكيل حكومة سورية أكثر توافقا مع مصالحها بالمنطقة، لكن هذا التحول قد يجلب تحديات، أبرزها التعامل مع الفراغ الأمني واحتمالية زيادة النفوذ الكردي، مما يعقد الأزمة الكردية داخل تركيا وخارجها، أما الكيان الصهيوني فينظر إلى النظام السوري كعدو تقليدي، لكنه استفاد في السنوات الأخيرة من استنزاف القوى السورية، وتراجع قدراتها العسكرية، وسقوط نظام الأسد قد ينهي النفوذ الإيراني المباشر على حدودها الشمالية، لكنه في الوقت ذاته قد يؤدي إلى فوضى سياسية تزيد من تهديدات المجموعات المسلحة، مثل تنظيم “داعش” أو الميليشيات المسلحة الأخرى المعارضة، أما الأكراد قد يرون في سقوط النظام السوري فرصة لتوسيع نفوذهم والحصول على حكم ذاتي موسع في شمال سوريا، لكن ذلك سيواجه معارضة شديدة من تركيا، التي تعتبر تنامي القوة الكردية تهديدا لأمنها القومي، ووحدة أراضيها، بالإضافة إلى إمكانية أن تجدد القوى الإقليمية تنافسها على استخدام الورقة “الكردية” لتحقيق مصالحها، بينما بخصوص مختلف الفصائل الفلسطينية، وخاصة حركة حماس، كانت تاريخيا مرتبطة بالنظام السوري، وسقوط الأسد قد يترك فراغا في الدعم الإقليمي للفلسطينيين، مما قد يجبر هذه الفصائل على إعادة بناء تحالفاتها، وقد تستفيد السلطة الفلسطينية من هذا الوضع لإعادة توجيه مسار القضية الفلسطينية في سياق التوازنات الجديدة، لكن يبقى المستفيد الأكبر من سقوط النظام السوري، والذي يعتمد على كيفية انتقال السلطة، والجهات التي ستملأ الفراغ، يمكن تحديدها في تركيا، التي تسعى لتأمين حكومة صديقة في دمشق، بالإضافة إلى دول الخليج، خاصة السعودية وقطر، والتي قد ترى في ذلك فرصة لتقليص النفوذ الإيراني، بالإضافة إلى الكيان الصهيوني، الذي سيستفيد حتما من تراجع التهديدات الإيرانية وحزب الله، بالنسبة له، لكن الاستفادة الحقيقية ستعتمد على قدرة هذه الدول على إدارة تداعيات السقوط وتأمين مصالحها دون التورط في مزيد من الصراعات.

مبدئيا، وبخصوص السيناريوهات المحتملة بعد سقوط نظام الأسد، تشكيل حكومة انتقالية برعاية دولية، وذلك في حال تدخل المجتمع الدولي، وقد يتم تشكيل حكومة انتقالية تضم المعارضة وبعض بقايا النظام، مما يضمن انتقالا تدريجيا، وهذا السيناريو سيكون الأفضل لتحقيق الاستقرار، لكنه سيواجه تحديات بسبب التعقيدات المحلية والتدخلات الإقليمية، وحالة من الفوضى والانقسام، وهذا إذا لم يتم التوصل إلى توافق داخلي ودولي، فقد تسقط سوريا في دوامة الفوضى، مما يعيد لنا نموذج سيناريو ليبيا، وهذا السيناريو سيخلق ملاذات آمنة للجماعات المسلحة، ويزيد من معاناة الشعب السوري، كما أن سقوط نظام بشار الأسد قد يؤدي إلى صراع بين القوى الإقليمية، على غرار إيران، تركيا، إسرائيل، ودول الخليج، لتوسيع نفوذها في سوريا، مما يزيد من تعقيد الوضع، وهو من شأنه أن يطيل أمد الصراع.

إن سقوط نظام بشار الأسد سيمثل نقطة تحول في تاريخ الشرق الأوسط، حيث ستعاد صياغة التحالفات والتوازنات الإقليمية، ومع أن بعض الأطراف قد تعتبر هذا السقوط مكسبا استراتيجيا، إلا أن الفوضى المحتملة قد تعقد حسابات الجميع، ويعتمد تحديد مستقبل سوريا والمنطقة على مدى قدرة القوى الدولية والإقليمية على تحقيق تسوية شاملة، تُوازن بين مصالحها وتحفظ استقرار المنطقة.

أثار الحديث عن سقوط نظام بشار الأسد تساؤلات متعددة حول الأطراف التي قد تتأثر سلبا بهذا الحدث، بالنظر إلى الأدوار الإقليمية والدولية المتشابكة في سوريا، فالنظام السوري تحت قيادة بشار الأسد يمثل حجر الزاوية في معادلات توازن القوى في منطقة الشرق الأوسط، وذلك منذ اندلاع الحرب السورية عام 2011، حيث استطاع الأسد الصمود بمساعدة حلفائه الإقليميين والدوليين، مثل روسيا وإيران، مما جعله رمزا لاستمرارية التحالفات الإقليمية المقاومة للهيمنة الغربية في المنطقة.

إيران تعتبر الخاسر الأكبر المحتمل إذا سقط نظام الأسد، لأنه يمثل حليفا استراتيجيا لطهران في المنطقة، وسوريا هي الرابط الأساسي بين إيران وحزب الله اللبناني، وهو ما يعرف بـ”الهلال الشيعي”، وسقوط النظام يعني تدمير هذا الرابط، ما يضعف قدرة إيران على دعم حلفائها في لبنان وغزة، فإيران استثمرت موارد مالية وعسكرية ضخمة لدعم نظام الأسد، بما في ذلك إرسال قوات من الحرس الثوري وتمويل الميليشيات الشيعية، وخسارة الأسد تعني ضياع هذا الاستثمار وتراجع الدور الإيراني في الصراع السوري.

طالع أيضا

ارتفاع مؤشر الأسعار عند الاستهلاك للشهر الثالث على التوالي

Africa News

مستغانم : تسجيل عملية استعجالية لمعالجة مشكل الترمل بميناء سيدي لخضر ‎

Africa News

هلاك 8 أشخاص وإصابة 257 آخرين بجروح خلال الـ24 ساعة الأخيرة

Africa News

اترك تعليق