مساهمة
أمر لا يختلف عليه اثنان أن أعداء الأمة العربية والإسلامية لا ييأسون ولا يملون ولا يتوانون ولو لدقيقة واحدة من أجل زعزعة الأنظمة العربية والإسلامية والتمادي في شيطنتها وضرب استقرارها ونشر القلاقل لزلزلة تماسك لحمتها الاجتماعية والسياسية، فالرئيس الأمريكي السادس جون كوينسي آدمز يعتبر المسلمين خطر على العالم ودينهم ينشر الخراب والوحشية، فهناك دائما تقارب في الاعتقاد والرأي بين جميع رؤساء الولايات المتحدة الأمريكية، كما أن الأوروبيين يعتبرونهم أعداء الحياة، ورغم أن هناك اعتدال متباين بين شرائح المجتمع الأمريكي سواء من السياسيين أو العامة إلا أن هذا لا يغير من تلك الكراهية الكامنة في ذواتهم، زيادة على هذا كله تأثير الصهيونية العالمية و معتقد الحرب الوجودية التي يجب أن تُثَّبِتَ أركان هذا الكيان الوحشي
لهذا يعتبر الاغتيال النفسي والاجتماعي من أخطر ما خطط له الغرب وذلك من أجل أهداف استراتيجية واقتصادية، وزرع عضو فاسد في جسد الأمة العربية والإسلامية التي باتت محنطة تجاه ما يحدث في غزة ولبنان و بعض بلدان الشرق الأوسط ، والتي باتت ممزقة سياسيا واجتماعيا لما فيها من صراعات وتكتلات وطوائف شيعية ومسيحية وكردية وأهل السنة والجماعة، بل تعدى كل هذا إلى ميلاد تنظيم إرهابي” داعش”، عاث في الأرض فسادا و هلك الحرث والنسل، بحيث أصبحت أي وجهة يلتفت إليها تكون محل دمار وترويع وزعزعة أمن واستقرار، أين أصبح من أغنى التنظيمات الإرهابية في المنطقة من مداخيل لها علاقة بعائدات النفط والزراعة وتجارة المخدرات والابتزاز وتبرعات بعض الدول من المنطقة لها مصالح أمنية، كذلك تم استخدام بعض الجمعيات الخيرية كواجهة لجمع التبرعات وتموين هذا التنظيم المتوحش المتطرف الذي أساء كثيرا للإسلام والمسلمين.
هذه السياسة المعادية للقيم الإنسانية والأخلاقية والأعراف الدولية طبخت ونضجت في مخابر المخابرات الغربية، برعاية سخية كان لها تأثير قوي من بدايتها سنة 1979 لتتحول بعد ذلك لمشاريع معتمدة حسب مقاسات الدول المستهدفة، وما كان مخطط له من تفكيك دول عربية بعينها كانت تعتبر شوكة في حلق الكيان الصهيوني، مثل العراق وسوريا، تحقق وأصبح هذا الكيان يصول ويجول في المنطقة بدعم من الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، وأصبح من كان مقاتلا في تنظيم القاعدة، شيطان الأمس المطلوب لدى العدالة الدولية رئيسا تتسابق الدول لمصافحته وتحت رعاية الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها، علما أنه مصنف كإرهابي عالمي من طرف وزارة الخارجية الأمريكية سنة 2013، كما رصد له مبلغ مالي قدره عشرة مليون دولار لكل من يدلي بمعلومات تساعد في القبض عليه، كذلك ما وقع في ليبيا ومصر وتونس والسودان من ثورات كان بفعل يد ظلامية تريد إغراق منطقة المغرب العربي في الرماد وطمرها في وحل الانشقاقات والأزمات، وفتح الطريق أمام التمدد الصهيوني، علما أن السودان ما يزال يعاني من هذه الفتنة التي أتت على الأخضر واليابس، وشردت الشعب السوداني الشقيق وأدخلته دوامة الشك وعدم التفريق بين العدو والصديق، فهام على وجهه باحثا عن الأمان المفقود.
وتبقى الجزائر الدولة الوحيدة التي لها مواقف ثابتة لا تتغير ولا تتزحزح، رغم كيد الكائدين من أعداء الداخل والخارج، وقد لعب الأعداء على وتر العروشية ودف القبائل، ولكن الشعب الجزائري واعي ومتماسك ويدرك ما يدور حوله من مخاطر ومكائد، وقد قال المحلل التونسي والكاتب والسياسي الصافي سعيد عن الجزائر ” هي الدولة الكبرى والمحركة وبدون الجزائر لن تقوم قائمة للمغرب العربي”، كما قال العسكري التونسي العميد توفيق ديدي في برنامج ديوان FM “الجزائر الدولة الوحيدة التي بقيت عصية على الكيان الصهيوني والغرب، وذلك لقوتها العسكرية وتنظيمها الخاص، ولكون حدودها مغلقة آمنة، ولم يستطع الغرب ولا أمريكا إلى حد اليوم رغم الضغوطات سواء عن طريق عدة أوراق من المهاجرين أن ينال منها وحافظت على سيادتها”.
ويبقى الاغتيال النفسي من المشاريع التي تحاول ضرب الاستقرار الاجتماعي والسياسي للشعوب وخلق بؤر اختراق النسيج الاجتماعي وتأليبه على أنظمته السياسية، وذلك بتجنيد عملاء داخل وخارج البلاد وزرعهم في الأوساط الشعبية قصد زرع الفوضى وإحياء النعرات العرقية والعروشية، كما تبقى الضغوطات والابتزاز السياسي من أهم عناصر هذا الاغتيال.
بلخيري محمد الناصر