الجزء الأول
بقلم الدكتور : رضوان بوهيدل
تقع دولة السنغال على الساحل الغربي لقارة إفريقيا، وتطل على المحيط الأطلسي، في وقت تحدها موريتانيا من الشمال، ومالي من الشرق، وغينيا وغينيا بيساو من الجنوب، بينما تحيط بغامبيا من جميع الجهات باستثناء الغرب، عاصمتها داكار، وهي واحدة من أبرز المدن في غرب إفريقيا.، كما تمتاز السنغال بمناخ مداري ينقسم إلى موسم جاف وموسم ممطر، مع طبيعة متنوعة تشمل السهول الساحلية والصحارى والغابات، أما من الناحية التاريخية، فقد كانت السنغال جزءا من عدة إمبراطوريات إفريقية، مثل إمبراطورية غانا، ومالي، وسونغاي، وفي القرن الخامس عشر، وصل المستعمرون الأوروبيون، وبدأت تجارة العبيد عبر المحيط الأطلسي، قبل أن تصبح مستعمرة فرنسية في القرن التاسع عشر، وظلت كذلك حتى استقلالها في 4 أفريل من سنة 1960، وقد كان الرئيس “ليوبولد سيدار سنغور”، وهو شاعر وسياسي بارز، هو أول رئيس للسنغال وأحد رموز النهضة الإفريقية.
وفي سياق متصل، يبلغ اليوم عدد سكان السنغال حوالي 17 مليون نسمة، ويعرف سكان السنغال تنوعا إثنيا كبيرا، حيث يشمل مجموعات رئيسية مثل “الولوف”، وهو الأغلبية، والسيرير، والفولاني، والماندينكا، بينما تبقى الفرنسية هي اللغة الرسمية، بينما تستخدم لغات محلية مثل “الولوف” و”الفولانية” على نطاق واسع جدا في البلاد، بينما يغلب الدين الإسلامي على سكان السنغال، حيث يشكل المسلمون حوالي 95 بالمائة من السكان، إلى جانب أقليات مسيحية وأتباع الديانات التقليدية في إفريقيا.
تعتر السنغال من الدول الإفريقية التي تتمتع بتنوع مواردها الطبيعية والاقتصادية، مما يساهم في تعزيز قدرتها على تحقيق النمو والتنمية المستدامة، بحيث تتوزع موارد السنغال بين الموارد الطبيعية، الزراعية، البحرية، والمعدنية، بالإضافة إلى موارد بشرية قوية تسهم في تطوير اقتصاد البلاد، وأهمها الموارد الطبيعية المعدنية، أين تتمتع السنغال بثروات معدنية متنوعة تشكل جزءا مهما من اقتصادها عموما، على غرار الفوسفات، بحيث تعد السنغال من بين أكبر منتجي الفوسفات في العالم، حيث يستخدم في صناعة الأسمدة، والذهب، أين تعتبر منطقة “سابودالا” واحدة من أهم مناطق إنتاج الذهب في غرب إفريقيا، “الزركونيوم”، والذي يستخدم في الصناعات التكنولوجية والطاقة، وخام الحديد، أين مازالت الحكومة السنغالية تجري العديد من الدراسات لتطوير استغلال هذا المورد، بالإضافة إلى النفط والغاز، والتي اكتشفت حديثا العديد من حقول النفط والغاز الواعدة في المياه الإقليمية للسنغال، مثل حقل “سانغا مار”، مما يجعل هذا القطاع ذا أهمية إستراتيجية لمستقبل البلاد ككل.
وعلى صعيد آخر، تتمتع السنغال بالعديد من الموارد البحرية، أين يتميز الساحل السنغالي بمخزون غني من الأسماك، مما يجعل الصيد البحري أحد أهم القطاعات الاقتصادية، كما تشتهر السنغال بتصدير أنواع متعددة من الأسماك والمأكولات البحرية إلى الأسواق الدولية، بالإضافة إلى الموارد المائية، حيث تمتلك السنغال شبكة واسعة من الأنهار، مثل نهر السنغال ونهر غامبيا، مما يوفر مصادر مهمة للري وتوليد الطاقة الكهرومائية، بينما تتمتع السنغال بتوفر الأراضي الزراعية، والتي تمتد على مساحات واسعة جدا، حيث تزرع محاصيل مثل الفول السوداني، الأرز، والذرة، ويعتبر القطاع الزراعي في السنغال مصدرا رئيسيا للعمالة والدخل، أما الموارد الاقتصادية فهي ترتكز على الزراعة، والتي تعتبر العمود الفقري للاقتصاد السنغالي، حيث تساهم بنسبة كبيرة في الناتج المحلي الإجمالي، والفول السوداني، ويعد المحصول الرئيسي والأكثر تصديرا، والقطن، والذي يزرع على نطاق واسع، ويستخدم في الصناعة المحلية والصادرات، فضلا عن ما يعرف بالزراعة المروية، وهي مشاريع الري التي تقوم على نهر السنغال، والتي تدعم إنتاج الأرز بشكل كبير، كما تحوز السنغال ثروة حيوانية كبيرة، والتي تمثل مصدرا مهما للدخل في المناطق الريفية، حيث يتم تربية الأبقار، والأغنام، والماعز على نطاق واسع في الأراضي الريفية للسنغال، أما بخصوص الطاقة فتعتمد السنغال على مشاريع الطاقة المتجددة لتلبية الطلب المحلي، مثل الطاقة الشمسية، مع وفرة أشعة الشمس.، الطاقة الكهرومائية، من الأنهار والسدود، والنفط والغاز، من خلال الحقول المكتشفة مؤخرا، ومن المنتظر أن تلعب دورا رئيسيا في مستقبل الطاقة السنغالية.
بخصوص التركيبة البشرية، يبلغ عدد سكان السنغال حوالي 17 مليون نسمة، معظمهم من الشباب، مما يعتبر موردا بشريا هاما للتنمية الاقتصادية، كما تتميز السنغال بعمالة مؤهلة في قطاعات الزراعة، الصيد، والخدمات، فضلا عن أن السنغال واحدة من الدول الإفريقية المهمة، والتي يعتمد سكانها على تحويلات المهاجرين، مما يشكل مصدر دخل رئيسي للعائلات والدولة، كما تمتلك السنغال العديد من الموارد السياحية، بداية بالطبيعة، حيث تمتلك السنغال العديد من الشواطئ الجميلة والمناطق الساحلية، التي تجذب السياح من جميع أنحاء العالم، بالإضافة إلى العديد من المتنزهات والمحميات الوطنية، مثل متنزه “جودج الوطني”، والذي يعتبر أحد مواقع التراث العالمي لليونسكو، وهو ما يقودنا للحديث عن التراث الثقافي، أيتن تتواجد بالسنغال العديد من المواقع التاريخية مثل جزيرة “غوريه”، المعروفة بتاريخها في تجارة العبيد، كما توجد العديد من الأنشطة الثقافية مثل المهرجانات الموسيقية وفنون الطهي السنغالي.
وجود موارد كثيرة بالسنغال يعني وجود تحديات للاستغلال المثالي لهذه الموارد الثرية، حيث تواجه البلاد العديد من التحديات والرهانات في هذا الشأن، منها ما هو اقتصادي، على غرار، قلة الاستثمارات في البنية التحتية لتطوير الموارد، والاعتماد المفرط على الزراعة التقليدية، والتحديات البيئية المتمثلة في التغير المناخي، والذي يؤثر على الزراعة والصيد، والتصحر الذي بات يهدد الأراضي الزراعية، فضلا عن التحديات الاجتماعية، على غرار الفقر والبطالة، اللذان يعيقان التنمية الشاملة في السنغال، وظاهرة الهجرة غير النظامية التي تؤثر على قوة العمل المحلية، لذلك وضعت الدولة العديد من الخطط المستقبلية لتنمية هذه الموارد، من خلال تطوير البنية التحتية لقطاع النفط والغاز لزيادة الإيرادات، وتعزيز الاستثمارات في الزراعة الحديثة لتحسين الإنتاجية، ودعم مبادرات الطاقة المتجددة لتقليل الاعتماد على الوقود الأحفوري، وتحسين التعليم والتدريب المهني لزيادة إنتاجية الموارد البشرية.