همسات بقلم : صالح قليل
تفاجأ السفير الفرنسي السابق في الجزائر من التغير المفاجئ الذي حدث في الدبلوماسية الجزائرية تجاه فرنسا، وهو العارف بجزيئاتها وتفاصيلها، لما كان على رأس سفارتها بالجزائر، ففي حواره الأخير مع قناة الفيقارو، وقد لاحظ على سياسة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ووزير خارجيته جون نويل بارو، موضحًا أنّ هذه السياسة قد جعلت الجزائر تتعامل مع فرنسا بالندية التي طالبت بها الجزائر في عدة مناسبات، بل وإنه بدأ يشعر أن الجزائر قد بدأت تتفوق على بلاده في بعض الملفات الحساسة.
وهو الذي قضى سنوات في الجزائر كسفير لفرنسا، يرى أن الجزائر أصبحت أكثر قوة في تعاملها مع فرنسا. وقال بصراحة: “لقد تمكن الرئيس تبون من توحيد الرأي العام الجزائري حوله، وهذه القومية دائمًا ما تؤتي ثمارها”. وتابع أن الرئيس الجزائري استطاع أن يعزز من مكانته السياسية داخليًا، وهو ما جعل الجزائر تظهر في المفاوضات الدولية على أنها دولة ذات سيادة قوية، قادرة على فرض إرادتها.
وأضاف أن هذا التحول في المواقف الجزائرية يجعل فرنسا تشعر بأنها باتت أقل قوة في مواجهة مطالب الجزائر، بل بدأ يشعر بأن الجزائريين أصبحوا يتفوقون على فرنسا في بعض الأحيان.
واعتبر دريانكور أن الجزائر لم تعد تتعامل مع فرنسا كدولة ذات نفوذ قوي في المنطقة، بل أصبحت المفاوضات بين البلدين تجري على أساس الندية، وهو ما لم يكن متصورًا قبل عدة سنوات. في هذا السياق، أكد دريانكور أن الجزائر أصبح لديها موقف ثابت في الملفات الكبرى، خصوصًا في القضايا المرتبطة بالهجرة واسترجاع الأموال المنهوبة من قبل النظام السابق، وهو ما يعكس تغيّرًا كبيرًا في موازين القوى بين البلدين.
ولم يكتفِ دريانكور بالحديث عن الملفات الحساسة، بل ذهب أبعد من ذلك ليشير إلى ما وصفه بـ “تراجع” فرنسا أمام الجزائر فيما يتعلق بسياستها في المنطقة. وقال: “في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تتسم بالقوة في علاقاتها مع الجزائر، نجد اليوم أن الجزائر تسعى لتعزيز مكانتها الدولية على حساب مصالحنا”. واعتبر أن السياسة الفرنسية، بقيادة ماكرون وبارو، قد تخلت عن المواقف القوية التي كانت تسود في الماضي، وأصبحت أكثر مرونة في التعاطي مع الجزائر، وهو ما يراه دريانكور “تراجعًا” عن المواقف السابقة التي كانت تميز العلاقات بين البلدين.
أما عن مستقبل العلاقات بين الجزائر وفرنسا، فقد أشار الديبلوماسي الفرنسي المتقاعد إلى أن هذه العلاقات قد تشهد تحولًا كبيرًا في المستقبل القريب، مشيرًا إلى أن الجزائر تسعى لتحقيق المزيد من الاستقلالية في قراراتها وتوجهاتها. وفي هذا الصدد، قال: “الجزائريون أصبحوا يتعاملون معنا الند للند، وهذا التحول لا يمكن تجاهله”.
واختتم السفير الفرنسي السابق حديثه بتسليط الضوء على عدة تفاصيل صغيرة يرى أنّها ليست كذلك: “لم يكن هناك وزير في المطار لاستقبال وزير الخارجية الفرنسي، كان الاستقبال باردًا جدًا، في حين أن الجزائريين عادة ما يكونون حريصين جدًا على البروتوكول. لا حلويات ولا شاي كما هو الحال في العادة، وكان الاجتماع في الساعة الواحدة زوالا، وقت الغداء… بدون غداء”.